عنوان الفتوى : حكم الجماع في الشتاء مع عدم وجود ما يسخن به الماء أو وجود ما يسخن به القليل من الماء فقط

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

ما حكم من جامع زوجته في البرد، مع العلم إنه لا يوجد ماء ساخن للاستحمام، والماء البارد يضر عند الاستحمام به؟ وإذا أردنا تسخين الماء فلا يمكن تسخين كمية كافية؛ لعدم وجود إناء كبير، والكمية التي تسخن لا تكفي، وفي حال أردنا تسخين كمية أخرى تبرد الأولى، مع العلم بأن تكلفة الغاز عندنا عالية جدا، وليس بإستطاعتي أن أبالغ في استخدامه. فهل يحل في هذه الحالة التيمم، أم الأفضل تأجيل الجماع، علما أن معظم أيام الشتاء لا يوجد ماء ساخن، وفي هذه الحال يصعب تأجيل الجماع طيلة فصل الشتاء؟

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

الحمد لله.

لا حرج في الجماع، ولو علم المجامع أنه لن يجد ما يسخن به الماء وأنه سيتيمم.

فإن جامع ووجد ما يسخن به الماء لزمه ذلك، فإن لم يقدر إلا على تسخين بعضه وكان لا يكفي لغسله، استعمل البعض ثم تيمم.

سئل شيخ الإسلام ابن تيمية: " إذا أراد زوج امرأة الجماع ويُخاف من البرد عليه وعليها ، هل له أن يتيمم ؟ أم يترك الجماع ؟ وهل للمرأة أيضا منع الزوج من الجماع إذا كانت لا تقدر على الغسل ؟ أم تطيعه وتتيمم؟

فكان مما أجاب به:" ليس للمرأة أن تمنع زوجها من الجماع، بل له أن يجامعها، فإن قدرت على الاغتسال، وإلا تيممت...

وكذلك الرجل: إن قدر على الاغتسال، وإلا تيمم، وله أن يجامعها" انتهى من "مجموع الفتاوى" (21/451).

وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله: " إذا لم يجد الماء فهل له أنْ يطأ زوجته؟

فأجاب: في البر يعني؟

الطالب: يعني الماء لم يكن موجودًا، فهل له أن يجامع زوجته.

الشيخ: يعني في البر ما عنده ماء؟

الطالب: في البر، في أي مكان.

الشيخ: يجامع زوجته، ويتيمم، ما عنده ماء الحمد لله، مثل البادية في البر ما عندهم ماء.

س: وهل يجزئ التيمم عن الغسل؟

الشيخ: يكفي التيمم" انتهى من موقع الشيخ ابن باز

وفي "كشاف القناع" (1/166): " (وإن وجد ما يكفي بعض بدنه: لزمه استعماله، جنبا كان أو محدثا، ثم يتيمم للباقي) لقوله - صلى الله عليه وسلم - إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم رواه البخاري ولأنه قدر على بعض الشرط، فلزمه كالسترة" انتهى.

وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله: "لو كان شخص في مكان لا يوجد به ماء كاف للغسل من الجنابة ووجد شيئًا قليلًا ما الحكم؟

فأجاب: يقول الله سبحانه فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم) فإذا كان الإنسان في مكان ليس فيه إلا ماء قليل لا يكفي للغسل، فإنه يغسل به ما أمكن من جسده ثم يتيمم للباقي؛ لأنه معذور كالذي في البرية أو في سجن لا يعطى ماء إلا لشربه، وليس عنده ماء يكفيه للغسل ولا يعطى ماء للغسل، فإنه يغتسل بالذي عنده، فيغسل بعض بدنه، كرأسه وصدره ونحو ذلك، ويستنجي منه، ويتيمم للباقي، يعني: يضرب التراب بيديه بنية الطهارة، ويمسح بهما وجهه وكفيه عن بقية بدنه، ناويًا بذلك الطهارة من الجنابة، وإن نوى الطهارة من الجنابة وجميع الأحداث: صح ذلك، وصارت طهارته كاملة عن الحدث الأكبر والأصغر جميعًا، عملًا بقوله سبحانه: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) [التغابن:16].

وإذا كان الماء الذي عنده يحتاجه للشرب، ويخشى من العطش؛ فإنه لا يغتسل به، بل يتيمم عن الجميع، ويبقي الماء عنده لحاجته عملًا بقوله سبحانه: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) [التغابن:16] وعملًا بقوله: وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ  [البقرة:195]" انتهى من "فتاوى نور على الدرب"

على أننا ننبهك إلى أن الماء المطلوب للغسل والكافي له، ليس بالكثير الذي جرت عادة الناس باستعماله أو إهداره، بل يكفيه من الماء للغسل قدر الصاع؛ والصاع أربعة أمداد، والمُد مل الحفنة بكفي الرجل المعتدل.

ففي صحيح البخاري (201) ومسلم (325): عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: " كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ، وَيَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ، إِلَى خَمْسَةِ أَمْدَادٍ".

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، أنه روى مثل هذا الحديث؛ " فَقَالَ رَجُلٌ: مَا يَكْفِينِي، فَقَالَ جَابِرٌ: قَدْ كَفَى مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ، وَأَكْثَرُ شَعْرًا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" رواه أحمد (14976).

فاجتهد في الأخذ بذلك، فلعل هذا القليل الذي يمكنك تسخينه، يكفي غسلك وأنت لا تنتبه، أو تستكثر من الماء، كعادة الناس.

والله أعلم.

أسئلة متعلقة أخري
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي...