عنوان الفتوى : هل دعاء جلب الرزق : يا عظيم الجلال، يا بديع الكمال يا كثير المنوال...، صحيح؟
قرأت أن هذا الدعاء يجلب الرزق: "بِسْمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحِيمِ، يَا عَظِيمَ الجَلَالِ، يَا بَدِيعَ الكَمَالِ، يَا كَثِيْرَ النَّوَالِ، يَا دَائِمَ الإِفْضَالِ، يَا حَسَنَ الفَعَالِ، يَا قَائِمُ بِلَا زَوَالٍ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى ءَالِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّم"، فهل هذا صحيح؟ وهل يجوز قوله؟
الحمد لله.
هذه الصيغة بالتركيب المذكور: لا يعلم لها أصل في الشرع، لا من سنة النبي صلى الله عليه وسلم، ولا حتى من أدعية أصحابه والسلف الصالح.
وليس للمسلم أن يتكلف صيغا كالتي في السؤال ويعتقد فضلها؛ لأن هذا ضرب من الابتداع في الدين؛ فالزعم بأن هذه الصيغة نافعة في جلب الرزق، يلزم منها أن الله تعالى يحب هذه الصيغة وجعل لها فضلا على سائر الصيغ؛ وهذا تقول على الله تعالى بلا علم.
وفي تكلف أمثال هذه الصيغ، وتعليق فضل خاص بها ، أو تأثير غيبي يعتقده القائل لها : فيه – مع ما سبق من القول على الله بغير علم - : نوع استدراك على ما جاء به الشرع من الأوراد والأدعية، والأسباب الجالبة للخير من عند رب العالمين.
والمقرر في شرع الله الحنيف: أن النبي صلى الله عليه وسلم كفانا أمر الدين كله، فلم يدع خيرا إلا ودلنا عليه، ولا ترك شرا إلا وحذرنا منه . فعن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: قَالَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ قَبْلِي إِلَّا كَانَ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى خَيْرِ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ، وَيُنْذِرَهُمْ شَرَّ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ رواه مسلم (1844).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
"لا ريب أن الأذكار والدعوات من أفضل العبادات، والعبادات مبناها على التوقيف، والاتباع، لا على الهوى والابتداع، فالأدعية والأذكار النبوية هي أفضل ما يتحراه المتحري من الذكر والدعاء، وسالكها على سبيل أمان وسلامة، والفوائد والنتائج التي تحصل لا يعبر عنه لسان، ولا يحيط به إنسان، وما سواها من الأذكار قد يكون محرما، وقد يكون مكروها، وقد يكون فيه شرك مما لا يهتدي إليه أكثر الناس، وهي جملة يطول تفصيلها.
وليس لأحد أن يسن للناس نوعا من الأذكار والأدعية غير المسنون ويجعلها عبادة راتبة يواظب الناس عليها كما يواظبون على الصلوات الخمس؛ بل هذا ابتداع دين لم يأذن الله به؛ بخلاف ما يدعو به المرء أحيانا من غير أن يجعله للناس سنة، فهذا إذا لم يعلم أنه يتضمن معنى محرما لم يجز الجزم بتحريمه ..." انتهى من "مجموع الفتاوى"(22/ 510–511).
وتتبع مثل هذه الصيغ غير الواردة في الكتاب والسنة والالتزام بها، قد عدّه بعض أهل العلم نوعا من الاعتداء المنهي عنه في الدعاء.
قال القرطبي رحمه الله تعالى:
" والاعتداء في الدعاء على وجوه: ...
ومنها: أن يدعو بما ليس في الكتاب والسنة، فيتخير ألفاظا مفقرة، وكلمات مسجعة، قد وجدها في كراريس لا أصل لها، ولا معول عليها، فيجعلها شعاره، ويترك ما دعا به رسوله عليه السلام، وكل هذا يمنع من استجابة الدعاء، كما تقدم في سورة البقرة بيانه" انتهى من"تفسير القرطبي" (9/248).
فعلى المسلم في دعائه أن يطلب من الله تعالى حاجته من غير تكلف، ومتوسلا إليه سبحانه وتعالى بأسمائه وصفاته الثابتة.
كما أن هناك جملة من الأدعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم في طلب الرزق، سبق ذكر جملة منها في جواب السؤال رقم: (174515 ).
والله أعلم.