عنوان الفتوى : الفرق بين القرض الربوي والتورق
اقترضت مبلغًا من المال لأستطيع النفقة على بيتي، ولكي يستمر مشروعي الذي أعتمد عليه في المعيشة، وسافرت للعمل، ولم أستطع سداد ديني، وأنا عاطل الآن في غربتي، وقد مللت، وأريد الرجوع، وأستحي أن أقترض من أيِّ شخص آخر حتى يستمر مشروعي، وأستطيع النفقة على بيت، فهل آخذ قرضًا من بنك إسلامي بنسبة فوائد، أو آخذ تمويلًا من جهة حكومية لمشروعي بنسبة فوائد؟ وأنا تارك زوجتي وحدها مع ثلاثة أطفال؛ منهم طفل رضيع لم أره.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإذا كان القرض يرد بزيادة مشروطة في العقد -قليلة كانت أو كثيرة-، فلا يجوز الإقدام عليه؛ سواء كان المقرض جهة حكومية أم بنكًا، فالاقتراض بالربا من أكبر الكبائر، ومن السبع الموبقات، ومما يوجب اللعن، ويمحق البركة، فلا يجوز إلا عند الضرورة، كخوف الهلاك.
وأمّا قضاء الدَّين الذي أعسر به صاحبه، فليس من الضرورة؛ لأن الواجب على المدين إنظار المعسر، وراجع الفتوى: 1952، والفتوى: 6501.
إلا إذا كان التأخر في سداد الدَّين يؤدي إلى دخول صاحبه السجن لا محالة، وليس له طريق للسداد إلا بالاقتراض الربوي؛ فحينئذ يجوز الاقتراض بقدر هذا الدَّين فقط، كما سبق بيانه في الفتوى: 15366.
أمّا شراء سلعة شراء حقيقيًّا بثمن آجل، ثم يقوم المشتري ببيعها بثمن حالٍّ لحاجته إليه، فهذا يسمى عند الفقهاء التورق، وهو جائز، وانظر الفتوى: 292993.
واعلم أنّ العبد إذا كان حريصًا على مرضاة الله، واجتناب سخطه، وكان متوكلًا على الله، فسوف يرزقه رزقًا طيبًا، وييسر له سبل الكسب الحلال، ويكفيه ما أهمّه، قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ {الطلاق: 2ـ3}.
والله أعلم.