عنوان الفتوى : عاهد الله على ترك المعصية مرارا وعاد إليها

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

عاهدت الله سبحانه وتعالى على عدم فعل معصية من المعاصي ، ولكنني في كل مرة أنقض العهد مع الله وأقوم بفعل تلك المعصية ولكنني سرعان ما أندم على فعلها فأتوب إليه سبحانه وأصلى ركعتين صلاة توبة (أحدث لكل ذنب توبة) وأجدد عهدي مع الله على عدم فعل تلك المعصية بعد فراغي من صلاة التوبة، ولكن لضعف إيماني ومع مرور الأيام أقوم بفعل تلك المعصية وأجدد التوبة والعهد مع الله مرة ثانية وثالثة ومرات عديدة لا يعلمها إلا هو . سؤالي هو : ماذا يلزمني فعله نتيجة عدم الوفاء بعهدي في كل مرة ، بعد أن منّ الله عليّ واستطعت البعد عن تلك الفواحش و تبت إلى الله توبة نصوحا .

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله.

نحمد الله تعالى على أن وفقك للتوبة النصوح ، ونسأله سبحانه أن يثبتك على دينه ، ويرزقك الاستقامة عليه .

أما ما سألت عنه :

فمعاهدة الله تعالى من ألفاظ النذر واليمين .

قال الله تعالى : ( وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ ) التوبة / 75 .

قال أبو بكر الجصاص في "أحكام القرآن" (3/208) عن هذه الآية :

فِيهِ الدَّلالَةُ عَلَى أَنَّ مَنْ نَذَرَ نَذْرًا فِيهِ قُرْبَةٌ لَزِمَهُ الْوَفَاءُ ; لأَنَّ الْعَهْدَ هُوَ النَّذْرُ وَالإِيجَابُ اهـ .

قال الزهري رحمه الله : من عاهد الله على عهد فحنث فليتصدق بما فرض الله في اليمين . نقله في المدونة 1/580 وقال : ( وقاله ابن عباس وعطاء بن أبي رباح ويحيى بن سعيد . قال ابن وهب عن سفيان الثوري عن فراس عن الشعبي قال : إذا قال : علي عهد الله فهي يمين) انتهى .

وقال شيخ الإسلام في "الاختيارات" (ص 562-563) :

إِذَا قَالَ : أُعَاهِدُ اللَّهَ أَنِّي أَحُجُّ الْعَامَ فَهُوَ نَذْرٌ وَعَهْدٌ وَيَمِينٌ اهـ .

والنذر إذا كان المقصود منه ما يقصد باليمين وهو حث الشخص أو غيره على فعل شيء معين أو عدم فعله فحكمه حكم اليمين . فإذا لم يف به وجبت كفارة اليمين .

قال ابن قدامة في "المغني" (13/622) :

النَّذْرُ الَّذِي يُخْرِجُهُ مَخْرَجَ الْيَمِينِ , لِلْحَثِّ عَلَى فِعْلِ شَيْءٍ أَوْ الْمَنْعِ مِنْهُ , غَيْرَ قَاصِدٍ بِهِ لِلنَّذْرِ , وَلا الْقُرْبَةِ , فَهَذَا حُكْمُهُ حُكْمُ الْيَمِينِ اهـ .

فعلى هذا عليك كفارة يمين ، وتكفيك كفارة واحدة لكل ما سبق إن كان اليمين قد وقع على فعل واحد –وهو الظاهر من السؤال- وإن كان اليمين على أفعال متعددة فعليك لكل فعل كفارة .

قال شيخ الإسلام في "الاختيارات" (ص 562-563) :

وَمَنْ كَرَّرَ أَيْمَانًا قَبْلَ التَّكْفِيرِ . . فالصَّحِيحُ : إنْ كَانَتْ عَلَى فِعْلٍ فَكَفَّارَةٌ ، وَإِلا فَكَفَّارَتَانِ اهـ .

وكفارة اليمين هي عتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم ، فمن لم يجد صام ثلاثة أيام ؛ لقوله تعالى : ) لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) المائدة / 89 .

راجع سؤال رقم ( 9985 )

والله أعلم .