عنوان الفتوى : تسلق الجبال.. رؤية شرعية أخلاقية
قبل فترة قرأت عن أول سعودي، يتسلق قمة إيفرست. وبحثت عن إحصائيات عن هذه القمة، ووجدت أن ١٤ ألف شخص حاولوا التسلق: ٤ آلاف شخص نجحوا، حوالي ٣٠٠ توفوا، أما البقية فشلوا (لا يعني أنهم ماتوا). فما حكم تسلق قمة إيفرست؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الذي يعنينا بيانه: هو أن الأصل إباحة ممارسة أنواع الرياضة، ومنها تسلق الجبال، ما لم يترتب عليها محذور شرعي كأن تكون مظنة لتعريض النفس للتلف والهلاك، أو إتلاف المال وإفساده دون مصلحة، أو إسراف وتبذير، أو غير ذلك من المحاذير، فحينئذ تكون ممنوعة شرعا، وراجع الفتويين: 80033، 358678.
مع أن الظن بمن يفعل ذلك هو طلب الشهرة، والصيت به، وهو مذموم شرعا.
قال الغزالي في الإحياء: فإن قلت فالرياء حرام، أو مكروه، أو مباح، أو فيه تفصيل؟
فأقول: فيه تفصيل، فإن الرياء هو طلب الجاه، وهو إما أن يكون بالعبادات أو بغير العبادات، فإن كان بغير العبادات فهو كطلب المال، فلا يحرم من حيث إنه طلب منزلة في قلوب العباد، ولكن كما يمكن كسب المال بتلبيسات وأسباب محظورات، فكذلك الجاه. وكما أن كسب قليل من المال وهو ما يحتاج إليه الإنسان، محمود، فكسب قليل من الجاه، وهو ما يسلم به عن الآفات أيضا محمود، وهو الذي طلبه يوسف عليه السلام حيث قال: إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ. وكما أن المال فيه سم ناقع، ودرياق نافع، فكذلك الجاه. وكما أن كثير المال يلهي ويطغي وينسي ذكر الله والدار الآخرة، فكذلك كثير الجاه بل أشد، وفتنة الجاه أعظم من فتنة المال. وكما أنا لا نقول تملك المال الكثير حرام، فلا نقول أيضا تملك القلوب الكثيرة حرام، إلا إذا حملته كثرة المال وكثرة الجاه على مباشرة ما لا يجوز، نعم انصراف الهم إلى سعة الجاه مبدأ الشرور كانصراف الهم إلى كثرة المال، ولا يقدر محب الجاه والمال على ترك معاصي القلب واللسان وغيرها، وأما سعة الجاه من غير حرص منك على طلبه، ومن غير اغتمام بزواله إن زال فلا ضرر فيه، فإذن المراءاة بما ليس من العبادات قد تكون مباحة، وقد تكون طاعة، وقد تكون مذمومة، وذلك بحسب الغرض المطلوب بها. اهـ.
والله أعلم.