عنوان الفتوى : مساعدة الطالب لزملائه في شرح الدروس من أبواب الخير
أنا طالبة في الثانوية، أريد أن أعرف: هل من الحسد أن أتفادى مساعدة زميلاتي في الدراسة، وعدم نفعهن بتمارين جيدة تساعد على التمكن في الدروس، وعلى النجاح في الامتحانات. أم لا يعتبر كذلك، إلا في حالة طلبهن المساعدة مني، ورفضي لذلك؟ وإذا قدم لنا واجب مدرسي، وسألتني زميلة عن كيفية حله، ورفضت، بحجة أن العمل يجب أن يكون فرديا. فما حكم ذلك؟ وإذا طلبت مني أن أشرح الدرس. فهل يجوز لي ذلك؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما بعد:
فعدم مد يد العون للطلاب الآخرين، مع القدرة على ذلك في غير ما هو مطلوب من الطالب نفسه، ولا تقبل مساعدة غيره فيه؛ يعتبر مخالفا لمقتضى الأخوة الإسلامية، التي تقضي بأن يحب المرء لأخيه المسلم ما يحبه لنفسه. وقد قال النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ. متفق عليه، ورواه أحمد والنسائي بلفظ: حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ مِنَ الْخَيْرِ.
قال النووي في شرحه: وَالْمُرَادُ: يُحِبَّ لِأَخِيهِ مِنَ الطَّاعَاتِ، وَالْأَشْيَاءِ الْمُبَاحَاتِ. وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا جَاءَ فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مِنَ الْخَيْرِ. اهـ.
وقد ذم اللهُ في كتابه من يمتنع من بذل المعروف للناس، كما في قوله تعالى: وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ {الماعون:7}. فقد قيل في تفسير المعاون أنه المعروف.
قال ابن كثير: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ: {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ}، قَالَ: الْمَعْرُوفُ. وَلِهَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: " كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ". اهـ.
فلا ينبغي أن تمتنعي عن مساعدة الطالبات، لا سيما إذا طلبن المساعدة في شرح الدروس ونحوها، مما لا يعتبر من جملة الغش.
وأما هل يعتبر ذلك من الحسد؟ فالذي يظهر أنه لا يدخل في حد الحسد؛ إذ الحسد هو تمني زوال نعمة موجودة قائمة، كما يدل عليه قوله تعالى: أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ. [النساء: 54].
والله تعالى أعلم.