عنوان الفتوى : حديث: فراسة المؤمن

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

هل من الحديث "اتقوا فراسة المؤمن"؟

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

جاء فى تفسير القرطبى "ج 10 ص 42" روى أبو عيسى الترمذى عن أبى سعيد الخدرى، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله " ثم قرأ {إن فى ذلك لآيات للمتوسمين} الحجر:75 قال: هذا حديث غريب. وروى الترمذى الحكيم عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن لله عز وجل عبادا يعرفون الناس بالتوسم " وزعمت الصوفية أنها كرامة، وقيل: بل هى استدلال بالعلامات، ومن العلامات ما يبدو ظاهرا لكل أحد وبأول نظرة، ومنها ما يخفى فلا يبدو لكل أحد ولا يدرك ببادئ النظر، ومنه قول ابن عباس: ما سألنى أحد عن شىء إلا عرفت: أفقيه هو أو غير فقيه. وروى عن عثمان بن عفان رضى الله عنه أن أنس بن مالك رضى الله عنه دخل عليه وكان قد مر بالسوق فنظر إلى امرأة فلما نظر إليه قال عثمان: يدخل أحدكم علىَّ وفى عينيه أثر الزنى؟ فقال له أنس: أوحيا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: لا، ولكن برهان وفراسة، وصدق، ومثله كثير عن الصحابة والتابعين. يقول ابن الأثير فى النهاية "اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله" يقال بمعنيين أحدهما ما دل ظاهر هذا الحديث عليه، وهو ما يوقعه الله تعالى فى قلوب أوليائه فيعلمون أحوال بعض الناس بنوع من الكرامات وإصابة الظن والحدس، والثانى نوع يتعلم بالدلائل والتجارب والخلق والأخلاق، فتعرف به أحوال الناس، ومنه حديث أفرس الناس ثلاثة، أى أصدقهم فراسة، وأنا أفرس بالرجال منك أى أبصر وأعرف. إن الوصول إلى الحكم على الشىء بعد النظر أو السماع قد يكون لذكاء حاد يسرع به الربط بين المقدمة والنتيجة أو بين السبب والمسبب، غير أن هذا الذكاء لا يصدق أحيانا، ولا يقلل من شأنه أن يخطئ قليلا، فالإنسان بشر، ولكن قد يؤيد هذا الذكاء إلهام من الله للصالحين من عباده فيوفقون فى الحكم والاستنتاج، وهذا ما يفيده تعبير "فإنه ينظر بنور الله " وبالطبع لا يكون هذا الصدق فى الفراسة إلا للمؤمن. ومن غير المؤمنين من تكون عندهم الفراسة وتصدق إلى حد كبير، كأولاد نزار الذين عرفوا أوصاف بعير من رؤيتهم له يرعى جانبا ويترك جانبا وأثر قدميه مختلف وروثه غير مفرق فقالوا: إنه أعور وأزور وأبتر وشرود "الوسيط فى الأدب العربى ص 40 ". وفى كتاب "مفتاح دار السعادة لابن القيم ج 2 ص 234 " أمثلة كثيرة من فراسة الإمام الشافعى، وفى إحياء علوم الدين للإمام الغزالى "ج 2 ص 59" حديث عنها، وذكر قول النبى صلى الله عليه وسلم "لولا أن الشياطين يحومون على قلوب بنى آدم لنظروا إلى ملكوت السماوات " رواه أحمد وذكر السيوطى فى كتابه "تاريخ الخلفاء ص 56" قول ابن مسعود أفرس الناس ثلاثة: أبو بكر حين استخلف عمر، وصاحبة موسى حين قالت: يا أبت استأجره، والعزيز حين تفرس فى يوسف فقال لامرأته، أكرمى مثواه. وذكر ابن القيم فى زاد المعاد "التسمية" قول سيدنا عمر لمن سأله عن اسمه واسم أبيه وداره فقال: جمرة بن شهاب، والمنزل حرة النار فى مسكن ذات لظى، قال له: اذهب فقد احترق بيتك، وذكر فى كتاب الروح الفرق بين الفراسة والظن، والموضوع طويل يرجع إليه فى هذه المظان وفى تذكرة داود، وتفسير القرطبى لسورة الحجر، ومجلة الضياء التى تصدر فى دبى عدد ذى الحجة 1403 هـ وغيرها. والمهم أن حديث الفراسة مقبول، والوقائع المذكورة تؤيده

أسئلة متعلقة أخري
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي...