عنوان الفتوى : شرط الزواج بامرأة زنت
أنا شاب عمري 32 سنة، مطلق. بعد طلاقي تعرفت على سيدة أجنبية، عمرها 31 سنة، بقصد الزواج. في موقع إلكتروني خاص بزواج المسلمين. اعتنقت الإسلام قبل 7 سنوات، وتعرفنا على بعضنا كثيرا، وكنا نتحدث بالرسائل أو الاتصال بالفيديو، حصل بيننا إعجاب كبير بسبب تقارب الأفكار والصراحة. أخبرتني أنها مصابة بورم تليف الرحم، وهو أمر ليس بنادر عند النساء. ساندتها كثيرا، وقامت بإجراء عملية جراحية؛ وتحسنت حالتها كثيرا. بعد ذلك قررنا التعرف على بعضنا عن قرب، وجاءت إلى بلدي لمدة أسبوع، سافرنا معا، وعندما اختلينا ببعضها البعض، حصل زنا. ندمنا كثيرا على ذلك، لكن تابعنا طريقنا نحو الزواج، بحكم الحب الذي يجمعنا، وكذلك تحمل المسؤولية. عندها باشرت إجراءات السفر للقاء عائلتها والتقدم لخطبتها، لكنها فاجأتني بأنها كانت على علاقة برجل آخر عند بداية اعتناقها الإسلام. هذا الرجل من دولة عربية، جاء من أجل الدراسة، وكانت معه أمه. أصبت بصدمة وغصة كبيرة، عندما أخبرتني أنها أقامت علاقة جنسية معه. كانوا جيرانها، وكانت أمه تدرس النساء المسلمات القرآن وتعاليم الإسلام. عندما سألتها: لماذا تخبريني الآن؟ قالت بأنها خشيت أن أعرف من عائلتها ذلك، وأن أرفضها. حكت لي كيف كانت بدايتها صعبة عند اعتناق الإسلام، فهي كانت غريبة وتعيش وحيدة في مرحلة انتقالية، لا تنتمي إلى مجتمعها القديم وعائلتها التي لم تتقبل إسلامها، ولا إلى المجتمع الإسلامي الصغير جدا في تلك الدولة، فهي لم تعرف الكثير عن أحكام الشريعة الإسلامية، وبقيت تائهة بدون أي شخص نزيه يعلمها الصواب من الخطأ. شعرت بالشفقة عليها؛ لأني أعلم يقينا أن ذلك الشخص استغل جهلها، ووضعيتها النفسية الصعبة وقام باستغلالها، علما أنه يعلم أنه لن يتزوجها بحكم أن بلده لا يسمح لهم بالزواج من الأجانب. وعندما استوعبت أن ذلك لا يجوز، توقفت عن الزنا، رغم أنه بقي بعض التواصل، إلى أن عاد إلى وطنه مع أمه. وأيقنت أنها كانت ضحية جهلها وثقتها. دامت تلك العلاقة 3 سنوات، أي انتهت قبل 6 سنوات من الآن. أصيبت بخيبة وندم، ولو كانت تدري أو وجدت من يرشدها لما حصل ذلك. أشعر بالشفقة عليها لما حصل؛ لأني أعرفها إنسانة طيبة وصريحة، لكن في نفس الوقت أحس بغصة وجرح في داخلي، وأفكر أنه عقاب لي من الله لأني ارتكبت الزنا. أقسم بالله أنها أول مرة، فأنا الحمد لله أصلي وأصوم، وأقرأ يوميا حزبا من القرآن، لم أدخن أو أسكر قط، أؤدي الزكاة، وأطيع الله فيما استطعت. أنا الآن حائر في أمري فيما يجب أن أفعل. نريد أن نتوب إلى الله توبة نصوحا، وأن نكمل الزواج، وتسترني وأسترها، عسى الله أن يتوب علينا، وأن يغفر لنا. فليس هناك من لا يخطئ وخير الخطائين التوابون. فهي تريدني بشدة، وستنتقل لتعيش معي في بلدي، وستترك وظيفتها هناك وتبيع ممتلكاتها، فهي تريد أن تتعلم اللغة العربية والقرآن الكريم، وأن تكون أسرة وأبناء. وأنا كنت قد وعدتها قبل بأخذها مع أمي إلى العمرة. لكن من جهة أخشى من ماضيها أن يطفو على السطح بعد زواجنا، وأن تساورني الشكوك والهواجس، وألا أتقبل ماضيها، ومن الأحسن لنا جميعا أن نفترق عسى الله أن ييسر لنا خيرا من ذلك، رغم أني أعلم أنها ستتأذى كثيرا، وأنا أتحمل جزءا من المسؤولية. المرجو إجابتي، فموعد سفري -إن شاء الله- بعد شهرين. وجزاكم الله خيرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك أن تتوب إلى الله تعالى مما وقعت فيه من الفاحشة، فلا ريب في كون الزنا من أفحش الذنوب، ومن أكبر الكبائر. والتوبة تكون بالإقلاع عن الذنب، والندم على فعله، والعزم على عدم العود إليه، مع الستر على النفس وعدم المجاهرة بالذنب. ومن صدق التوبة أن يجتنب العبد أسباب المعصية، ويقطع الطرق الموصلة إليها، ويحسم مادة الشر، ويحذر من اتباع خطوات الشيطان، فوقوعك في الفاحشة حصل بسبب تهاونك، وعدم مراعاة حدود الله في التعامل مع الأجنبيات.
فإن تبت توبة صحيحة، وتابت المرأة توبة صحيحة، فلا حرج عليك في زواجها، ولا تلتفت حينئذ لما وقع منها في الماضي من الحرام، فالتوبة تمحو ما قبلها، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له.
وأمّا إذا لم تكن المرأة تائبة، أو ظهر لك من أمرها ريبة، فاتركها وابحث عن غيرها؛ لتعف نفسك. وراجع الفتوى رقم: 328705
والله أعلم.