عنوان الفتوى : زمزم والكوثر.. معناهما.. وفضلهما
الحمد لله وبعد شيخنا ـ المحترم ـ ما هو الأفضل، ماء زمزم أو ماء الكوثر؟ مع ذكر الأدلة، ولماذا سمي زمزم؟ وكذلك كوثر، وأخيرا، ادع لي يا شيخ وانصحني، والله ولي التوفيق.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقد قال ابن منظور في لسان العرب: والكوثر الكثير من كل شيء. اهـ وقال: ورجل كوثر: كثير العطاء والخير. اهـ. وقال: والكوثر نهر في الجنة يتشعب منه جميع أنهارها، وهو للنبي صلى الله عليه وسلم. اهـ والذي يظهر مما ذكرناه هنا، ومما هو مذكور في كتب اللغة والتفسير: أن هذا النهر سُمي بالكوثر، لكثرة مائه وخيره، ولذلك قال ابن منظور: فالكثير والكوثر واحد. اهـ وأما زمزم، فقد ذكر العلماء أسبابا كثيرة لتسميتها بهذا الاسم، وعللوا كل تسمية بعلة تناسب ما رجحوه، وإنما حصل هذا الخلاف لعدم ورود نص من الشرع بذلك، وقد لخص هذه الأسماء الجمل في حاشيته على منهج الطلاب بقوله: وأصلها من ضرب جبريل الأرض بجناحه حين عطشت هاجر وولدها إسماعيل، لما وضعها إبراهيم عليه الصلاة والسلام هناك بأمر الله تعالى، ولما فاض منها الماء على وجه الأرض قالت له هاجر: زم زم، أي اجتمع يا مبارك، فاجتمع فسميت زمزم، ويقال لها: زمازم، وقيل: لأن الماء حين خرج منها ساح يمينا وشمالا فزم أي منع بجمع التراب حوله، وروي: لولا أمكم هاجر حوطت عليها لملأت أودية مكة، وقيل: لأنه سمع منها حينئذ صوتاً يشبه صوت الفرس عند شربها المسمى بذلك، ولها أسماء كثيرة: زمزم، وهزمة جبريل، وسقيا الله إسماعيل، وبركة، وسيدة نافعة، ومصونة، وعونة، وبشرى، وصاحبة، وبرة، وعصمة، وسالمة، وميمونة، ومعذبة، وكافية، وطاهرة، وحرمية، ومرورية، ومؤنسة، وطيبة، وشباعة العيال، وطعام طعم، وشفاء سقم. اهـ. أما عن المقارنة بين ماء زمزم وماء الكوثر، فلا وجه له، لأن ماء زمزم من مياه الدنيا، وماء الكوثر من مياه الجنة، فلا وجه للمقارنة بينهما أصلا. فقد روى البخاري وغيره من حديث سهل بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وموضع سوط أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما فيها. وما أعد الله في الجنة، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر ذُخْرا، بله ما اطلعتم عليه، ثم قرأ فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [السجدة:17]. رواه البخاري. وراجع الفتوى رقم: 8710. أما ما رواه عبد الرزاق في مصنفه عن معمر قال: سقط رجل في زمزم فمات فيها، فأمر ابن عباس أن تُسد عيونها وتنزح، قيل إن فيها عينا قد غلبتنا، قال: إنها من الجنة، فأعطاهم مطرفا من خز، فحشوه فيها، ثم نزح ماؤها حتى لم يبق فيها نتن، فالمقصود هنا تشبيه مائها بماء الجنة من حيث كثرة خيره وعدم انقطاعه، لا أنها من الجنة حقيقة، كما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم عن أشياء أنها من الجنة، قاصدا بذلك كثرة خيرها وبركتها، ففي صحيح الجامع أنه قال: نهران من الجنة: النيل والفرات. وهذا القول منقول عن بعض العلماء، ومنهم القرطبي رحمه الله. قال ابن حجر في الفتح: وقال -يعني القرطبي - وقيل:إنما أطلق على هذه الأنهار أنها من الجنة تشبيها لها بأنهار الجنة لما فيها من شدة العذوبة والحسن والبركة. اهـ ونسأل الله لنا ولك الهداية والسداد والتوفيق والرشاد. والله أعلم.