عنوان الفتوى : اشترت كعكة من متجر في الانستغرام وجاءت مختلفة عن المواصفات فهل يحق لها التعويض؟
لقد طلبت كعكة على الانستغرام، أعطيتهم التفاصيل (النصّ ، اللون ...) التي أردتها على الكعكة، وعندما حصلت على كعكتي رأيت أنني لم أحصل على كلّ التفاصيل التي طلبتها، ولم تكن الكعكة مستقيمة، وكانت هناك بعض الأخطاء، والزهور التي كان من المفترض أن تكون على الكعكة لم تكن موجودة عليها، لكن أعطتني الزهور، لذلك كان عليّ أن أضعها بنفسي في الكعكة، لقد راسلتهم في نفس اللحظة بعد أن تسلّمتها، وسألتهم عما إذا كان بإمكانهم الردّ في أسرع وقت ممكن، لكنّهم ردّوا عليّ في اليوم التالي بعد انتهاء حفلتي، سألت عن كيفية حلّ هذا الأمر، وقدموا لي خصمًا على الطلب التالي، لكن لم أكن سعيدة بذلك، فعادوا بحلّ آخر، وكان ذلك بردّ المال لذلك وافقت عليه، ثم قالوا إنهم سوف يعطوني 55 يورو (دفعت 300 يورو)، لكن الآن لا يريدون إعطاء أيّ شيء؛ لأنني سألت عن سبب قلّة المبلغ. فهل من حقّي في الإسلام أن أطلب مبلغًا في مثل هذه الحالة أم ينبغي أن أتركه؟ هل هناك آية أستطيع أن أريهم إيّاها أو حديث عن الزبائن؟ هل هناك أيّ شيء آخر تنصحني به؟
الحمد لله.
أولا:
يجوز بيع السلعة بالصفة المنضبطة التي تقطع النزاع، فإن جاءت السلعة على خلاف الصفة فللمشتري الخيار بين الفسخ، والإمساك بلا أرش، أي: أن يأخذها دون الحصول على تعويض، ويسمى هذا خيار الخُلف- أي الاختلاف- في الصفة. وهذا كما لو اختار لونا معينا، فجاءت السلعة بلون آخر مع تساويهما في القيمة.
وهذا بخلاف ما لو جاءت معيبة، أو تالفة، أو بها تلف ولو يسيرا لكنه ينقص القيمة، فيخير المشتري بين ردها، أو إمساكها وأخذ أرش العيب.
قال في "شرح منتهى الإرادات" (2/12) في بيان الخلف في الصفة: " الشرط (السادس: معرفة مبيع)؛ لأن الجهالة به غرر، ولأنه بيع، فلم يصح مع الجهل بالمبيع ... (برؤية متعاقدين) ... (أو) معرفة مبيع بـ (وصفِ ... ما يختلف به الثمن غالبا .. ، لقيام ذلك مقام رؤيته في حصول العلم به، فالبيع بالوصف مخصوص بما يصح السلم فيه ...
(ثم إن وَجد) مشتر (ما وُصف) له ... (متغيرا فلمشتر الفسخ) ; لأن ذلك بمنزلة عيبه ...
(وإن أسقط) مشتر (حقه من الرد) بنقص صفة شُرطت، أو تغير بعد رؤيته : (فلا أرش) له ; لأن الصفة لا يُعتاض عنها " انتهى، باختصار فيه.
وعُلم من هذا أن المشتري مخير بين: الرد، أو إمساك السلعة بلا أرش، أي لا يأخذ تعويضا عن الصفة الناقصة.
وأما عند وجود عيب: فله الإمساك مع الأرش.
قال في "كشاف القناع" (3/ 218): " فصل فيمن اشترى معيبا لم يَعلم حال العقد (عيبَه ، ثم علم بعيبه) : فله الخيار، سواء علم (البائع) بعيبه ، (فكتمه) عن المشتري، (أو لم يعلم) البائع بعيبه ...
(خُيّر) المشتري (بين رده)، استدراكا لما فاته، وإزالة لما يلحقه من الضرر في بقائه في ملكه ناقصا عن حقه، (وعليه)، أي المشتري، إذا اختار الرد : (مؤنة رده) إلى البائع، لحديث على اليد ما أخذت حتى تؤديه.
(و) إذا رده (أخذ الثمن كاملا)؛ لأن المشتري بالفسخ استحق استرجاع جميع الثمن ...
(وبين إمساك) المبيع (مع أرش) العيب (ولو لم يتعذر الرد؛ رَضي البائع) بدفع الأرش، (أو سخط) به، لأن المتبايعين تراضيا على أن العوض في مقابلة المعوض، فكل جزء من العوض، يقابله جزء من المعوض، ومع العيب فات جزء منه، فيرجع ببدله وهو الأرش" انتهى.
ثانيا:
قد ذكرت أن الكعكة لم تكن مستقيمة، وهذا عيب، وكذلك مجيء الكعكة بلا زهور يدخل في العيب؛ لأن الفقهاء عرفوا العيب بأنه كل نقص في العين، أو نقص في قيمتها. وهذا نقص في العين.
قال في "شرح المنتهى" (2/44): " (وهو) أي العيب وما بمعناه : (نقص مبيع) وإن لم تنقص به قيمته، بل زادت ، كخصاء ، (أو) نقص (قيمته عادة) ؛ فما عده التجار منقصا" انتهى.
وما دمت قد أخذت الكعكة ولم ترديها، فلك التعويض.
والأرش هو: نسبة الفرق بين قيمتها سليمة وقيمتها معيبة مضروبا في الثمن.
وطريقة حساب التعويض، أن ينظر كم قيمة الكعكة سليمة، وكم قيمتها إذا كانت معيبة، فلو كانت قيمتها سليمة 200 وقيمتها معيبة 150 فالفرق بينهما 50 وهو ربع القيمة، فينقص من الثَّمن الربع، فلو كان الثمن 300 يورو فيرد لك 75 يورو.
والقيمة السوقية قد تكون أقل من الثمن الذي تم الاتفاق عليه، كما سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم:(258447).
وعليه فيمكنك سؤال أهل الخبرة عن قيمة هذه الكعكة في السوق سليمة ومعيبة، وبها تعلمين حقك من التعويض، وأما رد الثمن كله لك، فلا يلزم البائع ذلك.
والله أعلم.