عنوان الفتوى : مدى مشروعية الصيام عن الكلام
هل يجوز للمسلم أن يصوم عن الكلام يوما أو أكثر كصيام النبي زكريا؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فليس للمسلم أن يعبد الله إلا بما شرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد أخرج الدارمي وأحمد عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: " والذي نفس محمد بيده؛ لو بدا لكم موسى فاتبعتموه وتركتموني لضللتم عن سواء السبيل، ولو كان حياً وأدرك نبوتي لا تبعني " . والتقرب إلى الله بالصمت ليس مما شرعه لنا النبي صلى الله عليه وسلم، ففي صحيح البخاري وغيره أن رجلاً من الصحابة يقال له أبو إسرائيل نذر أن يقوم ولا يقعد ولا يستظل ولا يتكلم ويصوم! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " فليتكلم وليستظل وليقعد وليتم صومه " . قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: وفي حديثه أن السكوت عن المباح ليس من طاعة الله اهـ. وهذا إذا كان المراد أن يصوم عن الكلام على سبيل الاقتداء بنبي الله زكريا عليه السلام، أو يريد التقرب إلى الله بالصمت عن المباح، وأما لو كان يترك الكلام امتثالاً لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم من حديث الشيخين عن أبي هريرة " ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت " . فإن ذلك يكون عبادة جليلة، وفاعله مأجور إن شاء الله. ثم اعلم أن صيام زكريا عليه السلام عن الكلام لم يكن تعبداً، وإنما هو علامة جعلها الله له ودليلاً على حمل زوجته، قال تعالى حكاية عنه لما بشر بالولد: ( قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزاً ) (آل عمران: من الآية41). والله أعلم.