عنوان الفتوى : لا بأس في التدرج في نصح ونهي من يسب الله
كنت أتحدث مع شخص سب الله عز وجل -والعياذ بالله- فنهرته على ذلك، وقلت له إن هذا كفر، ومخرج من الملة. فقال لي: "لا أتمالك نفسي حين الغضب" فقلت له: حاول أن تتمالك نفسك، وتسيطر على ما يخرج من لسانك. ثم سألني فقال: "وماذا عن السب والشتم العادي الذي ليس فيه كفر؟" لأن هذا الشخص كثير الحديث بالكلام الفاحش، والسب والشتم. فقلت له: "حتى السباب والشتم واللعن، حاول أن تنقص منه". وسؤالي هو: هل إجابتي عليه التي قلت له فيها: "حتى السباب والشتم واللعن، حاول أن تنقص منه" فيها شيء؟ فأنا أعلم حرمة السب والشتم واللعن، وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم في النهي عنها. لكن في نفسي شيء حين قلت له: "حاول أن تُنقص منه" عوض أن أقول له "أقلع عنه" فهل في إجابتي له استحلال لما حرمه الله؟ وأنا بالمناسبة كثير الوسوسة في هذه المسائل، فبعد أن أناقش شخصا في مسألة دينية، أعيد دائما سيناريو ما دار بيننا، وما قلته له من كلام. فأقول: ربما تكون هذه الجملة التي قلتها خاطئة، وربما يُفهم من كلامي شيء لم أرد في الحقيقة قوله، ولم أقصد معناه الذي قيل، وربما يُفهم من كلامي استحلال لما حرم الله، كما الحال مع
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن قولك في نهيه عن السب والشتم واللعن: "حاول أن تنقص منه" لا يستفاد منه استحلال منك لما حرمه الله؛ لأن استحلال ما حرمه الله، يكون بألفظ واضحة غير محتملة، بينما قولك: "حاول أن تنقص منه" محتمل لوجود جهل لديك، وضعف في استيعاب الرد، ومحتمل قصد التدرج في دعوة الشخص للتوبة بالتلطف، ومحتمل تخوفك من ردة فعله وزيادة طغيانه، مما جعلك تختار جملة خفيفة على سمعه، وقد قال الله تعالى: وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ {الأنعام:108}. فإجابتك بعبارة: (حاول أن تنقص منه) وإن كانت إجابة غير صحيحة، ولكنها بعيدة كل البعد من استحلال ما حرم الله، وتبقى العبارة التي أجبته بها حسب مقصدك في تلطيف العبارة، ولا شك أن الواجب عليك نصحه بترك كل سب وشتم يقوله، وبإمكانك أن تكرر عليه النصائح والتوجيهات، وفي الدلالة على الهدى والتحذير من الردى، أجر عظيم.
وانظر الفتوى رقم: 20346، وما أحيل إليه فيها.
والله أعلم.