عنوان الفتوى : ضرتها تؤذيها هل يجوز أن تمنع زوجها من الذهاب إليها ؟
أنا متزوجة من رجل أجنبي، وهو متزوج من قبل، ولديه أطفال، فمنذ زواجي منه وضرتي تؤذيني بلسانها، وترميني ظلما، فقد رمتني بالسحر، وكلما وقع مشكلة بينها وبين زوجي وهجرها تقول هو بسببها، وحتى قالت له: اذهب عند أمك تقصدني أنا، والله العظيم كنت أسامحها كل مرة لوجه الله تعالى، رغم إنها لا تطلب السماح، ولا تعترف، وكنت أدعو الله كثيرا أن يؤلف بيني وبينها، ولكني كلما دعوت كلما اعتدت علي، وأنا وحيدة وغريبة في بلدهم، لا أهل، ولا أصدقاء، ولا جيران، ومع ذلك تضيق علي، وعندما كسرت قلبي كثيرا كنت لا أستطيع النوم، أكثر المرات قلبي يؤلمني، وأبكي، وعندما نفذ صبري دعوت عليها، وقلت اللهم اجبر كسر قلبي بكسر قلبها كسرا لا يجبر، ولم يمضِ كثير على دعوتي حتى مرضت أكبر بناتها مرضا لا علاج له، وعندما أخبرها زوجي أنه بسبب ظلمها، ودعوة المظلوم لم يتحرك قلبها، ولم تعترف، ولم تطلب السماح، وماتت بنتها، وإلى الآن لم تعترف بظلمها، وإلى الآن تضيق علي بكلامها، لدرجة أنني سافرت وأنا حامل والطريق طويل جدا فقط لأن قلبي لم يعد يحتمل، ولكني لا أستطيع أن أطلب من زوجي تطليقها من أجل الأطفال، وهو كان قريب من أن يطلقها، وهو آخر طلاق بقي بينهما، إلا إنني منعته من أجل الأطفال. فهل يجوز أن أمنع زوجي منها، فهي كثيرة المكر والخداع، والله شاهد على ما أقول، وحتى زوجي شاهد، ويعلم بكل شيء؟
الحمد لله.
إذا كان الأمر كما ذكرت، فقد أساءت لك ضرتك، ويرجى لك بصبرك الثواب وحسن العاقبة، كما قال تعالى: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ البقرة/155- 157.
وقال: فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ هود/49.
وأما منع زوجك منها، فإن كان المراد تحريضه على طلاقها، فهذا محرم؛ لحديث أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لاَ يَحِلُّ لاِمْرَأَةٍ تَسْأَلُ طَلاَقَ أُخْتِهَا لِتَسْتَفْرِغَ صَحْفَتَهَا، فَإِنَّمَا لَهَا مَا قُدِّرَ لَهَا رواه البخاري(4857)، ومسلم (1413).
وإن كان المراد منعه من الذهاب إليها، فهذا أيضا تحريض على محرم؛ لأنه يجب على الزوج العدل بين زوجته في المبيت. إضافة إلى ما يجب عليه من رعاية أولاده.
قال ابن قدامة رحمه الله: " (وعماد القسم الليل) لا خلاف في هذا؛ وذلك لأن الليل للسكن والإيواء، يأوي فيه الإنسان إلى منزله، ويسكن إلى أهله، وينام في فراشه مع زوجته عادة، والنهار للمعاش، والخروج، والتكسب، والاشتغال. قال الله تعالى وجعل الليل سكنا [الأنعام: 96] وقال تعالى: وجعلنا الليل لباسا [النبأ: 10] وجعلنا النهار معاشا [النبأ: 11] وقال ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله [القصص: 73] .
فعلى هذا يقسم الرجل بين نسائه ليلة وليلة، ويكون في النهار في معاشه، وقضاء حقوق الناس، وما شاء مما يباح له، إلا أن يكون ممن معاشه بالليل، كالحراس ومن أشبههم، فإنه يقسم بين نسائه بالنهار، ويكون الليل في حقه كالنهار في حق غيره.
فصل: والنهار يدخل في القسم تبعا لليل؛ بدليل ما روي أن سودة وهبت يومها لعائشة. متفق عليه. وقالت عائشة قبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيتي، وفي يومي. وإنما قبض النبي - صلى الله عليه وسلم - نهارا .
ويتبع اليوم الليلة الماضية؛ لأن النهار تابع لليل، ولهذا يكون أول الشهر الليل ، ولو نذر اعتكاف شهر دخل معتكفه قبل غروب شمس الشهر الذي قبله، ويخرج منه بعد غروب شمس آخر يوم منه، فيبدأ بالليل.
وإن أحب أن يجعل النهار مضافا إلى الليل الذي يتعقبه جاز؛ لأن ذلك لا يتفاوت" انتهى من "المغني" (7/ 306).
وإن كان المراد أنك لا تنصحيه بإمساكها إذا أراد طلاقها، فهذا لك، فلا يلزمك دعوته إلى إمساكها؛ بل تتركينه وشأنه، إن رأى أن يمسكها أمسكها، وإن رأى أن يطلقها طلقها، لكن لك على كل حال أن تطلبي منه أن يكف أذاها عنك، ويمنع عدوانها عليك، وأن تتقي شرها وأذاها ما استطعت، من غير بغي عليها ، ولا عدوان على حقها.
والله أعلم.
أسئلة متعلقة أخري | ||
---|---|---|
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي... |