عنوان الفتوى : حكم تفضيل الكافر على المسلم العاصي

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

ما حكم أخذي بقول الجهة الموثوقة الآتي:

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد: 

 فاعلم أن المسلم -مهما كان عاصيًا- خير في الجملة من الكافر؛ مهما كان حسن الخلق، وذلك أن أعظم الفضائل هو التوحيد، وأعظم الرذائل هي الشرك، ففضيلة التوحيد إذا وجدت في مقابلها رذيلة الشرك، لم تقم الأخلاق الحسنة بموازنة تلك الفضيلة، ثم اعلم أن المسلم المقصر العاصي، يجب مناصحته، وأن يبين له خطؤه فيما يعتمده من سوء الخلق، أو الغلو والتنطع، ونحو ذلك، وأن ما يفعله ليس من دين الله تعالى، فإن أصر، فله من الولاء بحسب إسلامه، ويبغض لما فيه من الشر، والمعصية، هذا في الجملة.

وأما تفضيل الكفار على المسلمين، أو على بعضهم، فإطلاق خاطئ، بلا شك، ثم إن أريد به تفضيلهم فيما اتصفوا به من حسن الخلق، ونحو ذلك، فليس ذلك كفرًا، قال الشيخ عليش المالكي -رحمه الله-: وتفضيل الكافر على المسلم إن كان من حيث الدين، فهو ردة، وإلا، فلا. انتهى.

وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-: هذه الأخلاق -إن صحت، مع أن فيهم الكذب، والغدر، والخيانة، والسطو أكثر مما يوجد في بعض البلاد الإسلامية، وهذا معلوم، لكن إذا صحت هذه- فإنها أخلاق يدعو إليها الإسلام، والمسلمون أولى أن يقوموا بها؛ ليكسبوا بذلك حسن الأخلاق، مع الأجر والثواب. أما الكفار فإنهم لا يقصدون بها إلا أمرًا ماديًّا، فيصدقون في المعاملة؛ لجلب الناس إليهم. لكن المسلم إذا تخلق بمثل هذه الأمور، فهو يريد -بالإضافة إلى الأمر المادي- أمرًا شرعيًّا، وهو تحقيق الإيمان والثواب من الله عز وجل، وهذا هو الفارق بين المسلم والكافر. أما ما زعم من الصدق في دول الكفر -شرقية كانت أم غربية-، فهذا إن صح، فإنما هو نزر قليل من الخير في جانب كثير من الشر، ولو لم يكن من ذلك إلا أنهم أنكروا حقَّ مَن حقُّه أعظم الحقوق، وهو الله عز وجل: {إن الشرك لظلم عظيم}، فهؤلاء مهما عملوا من الخير، فإنه نزر قليل مغمور في جانب سيئاتهم، وكفرهم، وظلمهم، فلا خير فيهم. انتهى.

وقد سئل الشيخ ابن باز -رحمه الله- عن سائل يعقد مقارنة، أو موازنة بين العمال من المسلمين وغير المسلمين، فيقول: إن غير المسلمين هم من أهل الأمانة، وأستطيع أن أثق فيهم، وطلباتهم قليلة، وأعمالهم ناجحة، أما أولئك فهم على العكس تمامًا، فما رأيكم -سماحة الشيخ-؟

فأجاب: هؤلاء ليسوا بمسلمين على الحقيقة، هؤلاء يدعون الإسلام، أما المسلمون في الحقيقة، فهم أولى وأحق، وهم أكثر أمانة، وأكثر صدقًا من الكفار، وهذا الذي قلته غلط، لا ينبغي أن تقوله، والكفار إذا صدقوا عندكم، وأدوا الأمانة؛ حتى يدركوا مصلحتهم معكم، وحتى يأخذوا الأموال من إخواننا المسلمين، فهذه لمصلحتهم؛ فهم ما أظهروا هذا لمصلحتكم، ولكن لمصلحتهم هم؛ حتى يأخذوا الأموال، وحتى ترغبوا فيهم. انتهى.

والحاصل؛ أنه لا يجوز تفضيل الكافر على المسلم بإطلاق، وإن كان المسلم عاصيًا؛ لأن ما فيه من الخير أكثر مما في الكافر من الخير، وحسبه توحيد الله تعالى، ثم الواجب نصيحته، وأن يبين له خطؤه، ويقال له: أنت أولى بتلك الأخلاق الفاضلة من الكافر، وأنت أحق أن تتخلق بها منه، وهكذا، وأما ذكر محاسن الكفار، والثناء عليهم، فقد تكلمنا عنه في الفتوى رقم: 339064. فانظرها.

والله أعلم.