عنوان الفتوى : عدة ونفقة وسكنى المطلقة ثلاثا
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. سؤالي - بارك الله فيكم ونفع الله بعلمكم - أين تعتد المرأة المطلقة ثلاث طلقات في وقت واحد؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فالمطلقة ثلاثًا إذا لم تكن حاملاً، لا نفقة لها ولا سكنى. فتعتد في بيت أهلها؛ لما في الصحيحين عن فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ قالت: طَلّقَنِي زَوْجِي ثَلاَثاً عَلَى عَهْدِ النبيّ صلى الله عليه وسلم. فَلَمْ يَجْعَلْ لِي نَفَقَةَ ولاَ سُكْنَى. وفي بعض الروايات: إنما السكنى والنفقة لمن كان لزوجها عليها رجعة. وعند أحمد وأبي داود : لا نَفَقَةَ لَكِ إلاّ أنْ تَكُونِي حامِلاً. فدل على أن الحامل البائن تجب لها نفقة ولها السكن كذلك. وهذا محل إجماع. قال ابن قدامة رحمه الله: وجملة الأمر أن الرجل إذا طلق امرأته طلاقًا بائنًا، فإما أن يكون ثلاثًا أو بخلعٍ أو بانت بفسخٍ، وكانت حاملاً فلها النفقة والسكنى بإجماع أهل العلم؛ لقول الله تعالى: أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ[الطلاق:6]. وفي بعض أخبار فاطمة بنت قيس: (لا نفقة لك إلا أن تكوني حاملاً)؛ ولأن الحمل ولده فيلزمه الإنفاق عليه، ولا يمكنه النفقة عليه إلا بالإنفاق عليها، فوجب كما وجبت أجرة الرضاع. اهـ وقال عن غير الحامل: وإن كانت حائلاً، فلا نفقة لها، وفي السكنى روايتان: إحداهما: لها ذلك، وهو قول عمر وابنه وابن مسعود وعائشة، وفقهاء المدينة السبعة ومالك والشافعي، للآية. والرواية الثانية: لا سكنى لها ولا نفقة، وهي ظاهر المذهب، وهو قول علي وابن عباس وجابر وعطاء وطاووس والحسن وعكرمة وميمون بن مهران وإسحاق وأبي ثور وداود. وقال أكثر العراقيين: لها السكنى والنفقة، وبه قال ابن شبرمة وابن أبي ليلى والثوري والحسن بن صالح وأبو حنيفة وأصحابه، والبتي والعنبري؛ لأن ذلك يروى عن عمر وابن مسعود، ولأنها مطلقة فوجبت لها النفقة والسكنى.. اهـ والراجح هو ما ذهب إليه أحمد رحمه الله، فلا نفقة ولا سكنى للمطلقة البائنة، إلا أن تكون حاملاً. قال ابن عبد البر رحمه الله: لكن من طريق الحجة وما يلزم منها قول أحمد بن حنبل ومن تابعه أصح وأحج؛ لأنه لو وجب السكنى عليها، وكانت عبادة تعبدها الله بها لألزمها ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يخرجها عن بيت زوجها إلى بيت أم شريك ولا إلى بيت ابن أم مكتوم. انتهى من التمهيد (19/151). والله أعلم.