عنوان الفتوى : من أرسل لزوجته في لحظة غضب رسالة فيها: "أنت طالق"
حصل بيني وبين زوجتي خلاف، وذهبت إلي بيت أهلها، وبعدها بيوم أردت أن أذهب بالأولاد إليها، فجاء أخي يقول لي: لا تذهب بالأولاد إلى أمهم، قلت: لماذا؟ قال: هي سوف تخرج، قلت له: كيف تخرج من بيت أهلها دون أن تأخذ الإذن مني؟ وفي ذلك الوقت غضبت جدًّا، وخرجت من البيت متجهًا إلي بيت أهلها، وانتظرت عودتها في المساء، وأنا في غضب شديد جدًّا، ولما وصلت إلى بيت أهلها نزلت مسرعًا من سيارتي متجهًا إليها، وأمسكت بذراعيها، وقلت لها: لماذا فعلت هذا؟ وتركتني وذهب إلى الداخل، وأصبحت في ذلك الوقت مثل المجنون، وركبت في السيارة وأصبحت أدور أدور، وذهبت إلى بيتي، وأخرجت ملابسها وقطعتها، والهدايا وكسرتها. وفي لحظة أرسلت لها رسالة نصية قلت لها فيها: "أنت طالق"، وبعدها رسالة أخرى: "أنت طالق"، واتجهت إلى صور الزواج وقطعتها كلها، وبعدها تمددت على الأرض، وهدأ جسمي ونفسيتي تدريجيًّا، وأقسم بالله أني لم أشعر بنفسي، وهذا ما حصل، فهل يقع الطلاق في هذه الحالة؟ أفيدوني -جزاكم الله خيرًا-.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنود أن ننبه أولًا إلى أن الحياة الزوجية قد لا تخلو من مشاكل، ولكن ينبغي أن يتحرى الزوجان الحكمة والعقل عند ورودها، وينبغي التغاضي عن الزلات، وأن يسود بين الزوجين الاحترام، وأن يحرص كل منهما على أن يؤدي للآخر حقوقه، فبذلك تستقيم الحياة، وتهنأ الأسرة، ولمعرفة حقوق كل من الزوجين على الآخر، نرجو مطالعة الفتوى رقم: 27662.
والمرأة لا يجوز لها الخروج من بيتها، أو من بيت أهلها بغير إذن زوجها، ولو كانت في بيت أبويها، وهذا فيما إذا كان قائمًا بما يجب عليه من نفقتها، كما أوضحناه في الفتوى رقم: 303028.
ولا ندري على أي أساس قال أخوك: إنها سوف تخرج من البيت، وعلى أي أساس صدقته في ذلك، وغضبت عليها بسببه، ولا يبدو أنك تبينت منها، فقد يكون لها عذر شرعي في خروجها، فالتريث في مثل هذه الأمور مهم، وأسلم للعاقبة.
وعلى فرض كونها قد خرجت بغير عذر، فيمكن في هذه الحالة التفاهم مع العقلاء من أهلها.
وأما الغضب: فعاقبته وخيمة في الغالب؛ ولذلك حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم، وأرشد إلى سبل علاجه، كما بينا في الفتوى رقم: 8038.
وما حدث منك بسبب الغضب، خير شاهد على خطورته، فإتلاف الملابس، وتكسير الهدايا، فيه إتلاف للمال، وهو أمر محرم، ففي الحديث المتفق عليه عن المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: إن الله كره لكم ثلاثًا: قيل وقال، وإضاعة المال، وكثرة السؤال.
وكتابة الطلاق من كناياته، لا يقع بها الطلاق، إلا مع النية، فإن لم تكن ناويًا بذلك تطليقها، فلا يقع الطلاق، هذا مع العلم أن الغضبان مؤاخذ بتصرفاته، إلا إذا كان لا يعي ما يقول، وانظر الفتويين: 120973، 358834.
وعلى تقدير وقوع الطلاق، ولم تحصل بينونة كبرى، فنوصي بالرجعة، والإصلاح، والحرص على الحفاظ على الأسرة، ففراق الأبوين له آثاره السيئة على الأولاد، وخاصة في نشأتهم غير السوية، وتشتتهم، وضياعهم.
والله أعلم.