عنوان الفتوى : ما حكم شراء مقبرة وتقسيمها إلى لحود مبنية بالطوب المحترق؟
في مصر يتم عمل معظم المقابر غرف غير شرعية ولكن وجدت شركة تقوم ببيع المقبرة حوالي 25م وتقسمها لحود متعددة بتلك المساحة بالطوب حتى لا تنهار لان المساحة محدوده للمشتري وبالطبع لارتفاع الأسعار يريدها لأسرته، حفظ الله الجميع، فهل استعمال الطوب جائز؟ وهل تدفن في كل لحد امرأة أو رجل أم يجب فصل لحود النساء عن الرجال؟
الحمد لله.
أولا:
حكم شراء مقبرة مبنية بالطوب المحترق
لا حرج في شراء مقبرة مقسمة إلى لحود، ولو عملت اللحود من الطوب الآجر (المحترق) منعا لانهيارها.
وقد كره الفقهاء أن يُجعل في القبر شيءٌ مما مسته النار، لكن الكراهة تزول عند الحاجة، ولو أمكن وضع طوب أخضر (لَبِن) فهو أولى.
قال القرطبي رحمه الله: "ويكره الآجر في اللحد. وقال الشافعي: لا بأس به لأنه نوع من الحجر. وكرهه أبو حنيفة وأصحابه، لأن الآجر لإحكام البناء، والقبر وما فيه للبلى، فلا يليق به الإحكام. وعلى هذا يسوى بين الحجر والآجر. وقيل: إن الآجر أثر النار، فيكره تفاؤلا، فعلى هذا يفرق بين الحجر والآجر. قالوا: ويستحب اللبِن والقصب، لما روي أنه وضع على قبر النبي صلى الله عليه وسلم حزمة من قصب.
وحكى عن الشيخ الامام أبو بكر محمد بن الفضل الحنفي رحمه الله أنه جوز اتخاذ التابوت في بلادهم لرخاوة الأرض. وقال: لو اتخذ تابوت من حديد فلا بأس به. لكن ينبغي أن يفرش فيه التراب، وتُطَيَّن الطبقة العليا مما يلي الميت، ويُجعل اللبِن الخفيف على يمين الميت ويساره، ليصير بمنزلة اللحد." انتهى من "تفسير القرطبي" (10/381).
وقال ابن قدامة رحمه الله: "قال: (ولا يدخل القبر آجرا، ولا خشبا، ولا شيئا مسته النار).
قد ذكرنا أن اللبِن والقصب مستحب، وكره أحمد الخشب. وقال إبراهيم النخعي: كانوا يستحبون اللبِن ويكرهون الخشب.
ولا يستحب الدفن في تابوت؛ لأنه لم ينقل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا أصحابه، وفيه تشبه بأهل الدنيا، والأرض أنشف لفضلاته. ويكره الآجر؛ لأنه من بناء المترفين، وسائر ما مسته النار، تفاؤلا بأن لا تمسه النار." انتهى من "المغني" (2/ 375).
ثانيا:
هل يجب الفصل بين لحد الرجل والمرأة في المقبرة
ما دام كل ميت في لحد، فلا حرج أن يوضع الرجل في لحد، والمرأة في لحد إلى جواره، ولا يجب الفصل بين لحود الرجال ولحود النساء.
والممنوع هو دفن اثنين في قبر واحد، فهذا محرم إلا للضرورة، سواء كانا رجلين أو رجلا وامرأة، ولو كانا محرمين؛ لأن علة منع الجمع بينهما هي تأذي الميت بذلك.
قال الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (5/368): "يحرم في القبر دفن اثنين فأكثر، سواءٌ كانا رجلين، أم امرأتين، أم رجلاً وامرأة.
والدليل على ذلك: عمل المسلمين من عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم إلى يومنا هذا: أن الإنسان يدفن في قبره وحده، ولا فرق بين أن يكون الدفن في زمن واحد، بأن يؤتى بجنازتين وتدفنا في القبر، أو أن تدفن إحدى الجنازتين اليوم والثانية غداً.
قوله: إلا لضرورة، وذلك بأن يكثر الموتى، ويقل من يدفنهم، ففي هذه الحال لا بأس أن يدفن الرجلان والثلاثة في قبر واحد." انتهى.
وجاء في "حاشية الشرواني على تحفة المحتاج" (2/173): "قال ابن حجر: "وَلَا يُدْفَنُ اثْنَانِ فِي قَبْرٍ، أَيْ لَحْدٍ أَوْ شَقٍّ وَاحِدٍ، مِنْ غَيْرِ حَاجِزِ بِنَاءً بَيْنَهُمَا، أَيْ يُنْدَبُ أَنْ لَا يُجْمَعَ بَيْنَهُمَا فِيهِ ـ فَيُكْرَهُ إنَّ اتَّحَدَا نَوْعًا، أَوْ اخْتَلَفَا ".
فعلق الشرواني: "(قَوْلُهُ فَيُكْرَهُ... إلَخْ) وَالْمُعْتَمَدُ: التَّحْرِيمُ حَيْثُ لَا ضَرُورَةَ، مُطْلَقًا؛ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا، وَإِنْ كَانَ هُنَاكَ مَحْرَمِيَّةٌ وَاتَّحَدَ الْجِنْسُ، لِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي مَنْعِ الْجَمْعِ: التَّأَذِّي، لَا الشَّهْوَةُ..." انتهى.
والله أعلم.
أسئلة متعلقة أخري | ||
---|---|---|
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي... |