عنوان الفتوى : معنى قوله تعالى: (وسبح بالعشي والإبكار).
قال اللهُ تعالى: وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالإبْكَارِ، ما هو المقصود بالتسبيح في الآية، هل هي الصلاة أم التسبيح اللفظي كقول (سبحان الله وبحمده)؟
الحمد لله.
أولًا :
معنى العَشِيّ والإبكار
وردت هذه الآية في حديث الله سبحانه عن زكريا عليه السلام : قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ آل عمران/ 41.
ومعناها :
أولًا :
ذكر أهل التفسير في معنى العشي والإبكار أن العشي: آخر النهار، وهو ميل الشمس حتى تغرب، والإبكار: الصباح وأول الفجر، من طلوع الفجر إلى الضحى، قال مجاهد: " الإبكار: أول الفجر، والعشي: ميل الشمس حتى تغيب" انتهى من "جامع البيان"(5/ 392).
ثانيًا :
المراد بالتسبيح في آية: وسبح بالعشي والإبكار
أما المراد بالتسبيح هنا ، فذكر أهل التفسير أقوالًا :
1- أن المراد الصلاة .
قال الواحدي : "وقوله تعالى: وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ أي: صَلِّ لله تعالى. والصلاة تُسَمَّى تسبيحًا ، لأن الصلاة يُوَحَّد فيها الله تعالى، وُينَزَّه، ويُوصف بكلِّ ما يُبَرِّئه من السوء "، انتهى من "التفسير البسيط"(5/ 242).
وقال البغوي : "قيل: المراد بالتسبيح الصلاة، والعشي: ما بين زوال الشمس إلى غروب الشمس، ومنه سمي صلاة الظهر والعصر: صلاتي العشي، والإبكار ما بين صلاة الفجر إلى الضحى"، انتهى من"تفسير البغوي"(2/36).
وقال ابن الجوزي: " قوله تعالى: وَسَبِّحْ قال مقاتل: صل. قال الزجاج: يقال: فرغت من سُبحتي، أي: من صلاتي. وسمّيت الصلاة تسبيحاً، لأن التسبيح تعظيم الله، وتبرئته من السوء، فالصلاة يوصف فيها بكل ما يبرئه من السوء" انتهى من "زاد المسير" (1/281).
ورجحه الرازي لوجوه ، قال: " في قوله وسبح قولان :
أحدهما: المراد منه: وصل؛ لأن الصلاة تسمى تسبيحًا، قال الله تعالى: (فسبحان الله حين تمسون).
وأيضا: الصلاة مشتملة على التسبيح، فجاز تسمية الصلاة بالتسبيح.
وهاهنا الدليل دل على وقوع هذا المحتمل وهو من وجهين:
الأول: أنا لو حملناه على التسبيح والتهليل: لم يبق بين هذه الآية وبين ما قبلها وهو قوله : (واذكر ربك) فرق، وحينئذ يبطل؛ لأن عطف الشيء على نفسه غير جائز .
والثاني: وهو أنه شديد الموافقة لقوله تعالى: (أقم الصلاة طرفي النهار).
وثانيهما: أن قوله (واذكر ربك): محمول على الذكر باللسان"، انتهى من"تفسير الرازي"(8/ 216).
2- أنَّ المراد به الذكر باللسان .
قال ابن عطية: "وقوله تعالى: (وَسَبِّحْ) معناه: قل سبحان الله، وقال قوم معناه: صلِّ.
والقول الأول أصوب؛ لأنه يناسب الذكر، ويُستغرب مع امتناع الكلام مع الناس".
انتهى من"المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز"(1/432).
وقال ابن كثير: "ثم أمر بكثرة الذكر والشكر والتسبيح في هذه الحال"، انتهى من"تفسير ابن كثير" (2/ 39).
وظاهر صنيع الطبري أنَّه ذكر قولًا يجمع بين القولين، وهو أنَّ المقصود بالتسبيح العبادة : " وأما قوله: وسَبِّح بالعَشِيِّ [آل عمران: 41] فإنه يعني: عظم ربك بعبادته بالعشي".
انتهى من"تفسير الطبري"(5/391).
وهو قول ظاهر، متجه؛ جامعٌ للقولين جميعًا .
والله أعلم
أسئلة متعلقة أخري | ||
---|---|---|
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي... |