عنوان الفتوى : كلام الله بحرف وصوت لا يشبه كلام المخلوقين
القرآن كلام الله تعالى، تكلم به حقيقة بصوت وحرف، سمعه منه جبريل عليه السلام، ثم سمعه من جبريل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، ثم سمعه الصحابة من سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، هذا واضح -بحمد الله-. ثانيًا: كلام الله لا يشبه كلام خلقه، وهذا أيضًا واضح: "ليس كمثله شيء وهو السميع البصير"، ولكنني لم أفهم قول: "حروفه لا تشبه حروفهم، ومعانيه لا تشبه معانيهم"، أليس الله قد تكلم بالحروف العربية نفسها التي في القرآن، وأن معاني الحروف والكلمات هي نفسها معاني القرآن؟ أرجو التوضيح -جزاكم الله خيرًا-.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالقرآن كلام الله المنزل بلغة العرب، فهو بالحروف العربية بمعانيها التي يفهمها ويتكلم بها الخلق، فالحرف واحد بالنوع، ولكنه ليس واحدًا بالعين، فحروف القرآن غير مخلوقة، وحروف كلام المخلوقين مخلوقة، وقد سبق لنا بيان ذلك في الفتوى رقم: 238036.
فليس المراد بالعبارة التي أشكلت على السائل: نفي أن معاني الحروف والكلمات العربية هي نفسها معاني القرآن، وإنما المراد نفي مشابهة صفات الله تعالى وأفعاله، لصفات المخلوقين وأفعالهم، فكلام الله ـ بحروفه ومعانيه ـ لا يشبه كلام المخلوقين، كما أن سائر صفاته كذلك، كالعلم، والسمع، والبصر، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: الله تعالى يتكلم بصوت، كما جاءت به الأحاديث الصحاح، وليس ذلك كأصوات العباد، لا صوت القارئ، ولا غيره، وأن الله ليس كمثله شيء، لا في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله، فكما لا يشبه علمه وقدرته وحياته علم المخلوق وقدرته وحياته، فكذلك لا يشبه كلامه كلام المخلوق، ولا معانيه تشبه معانيه، ولا حروفه تشبه حروفه، ولا صوت الرب يشبه صوت العبد، فمن شبه الله بخلقه، فقد ألحد في أسمائه وآياته، ومن جحد ما وصف به نفسه، فقد ألحد في أسمائه وآياته. اهـ.
وراجع في ذلك الفتوى رقم: 349888.
والله أعلم.