عنوان الفتوى : الاعتراض القلبي على القضاء لا يجوز
السلام عليكم والرحمة والبركات أريد الإفادة في أنه إذا وقع بالإنسان أي نوع من الإبتلاء من الله ولم يصبر عليه، بأن اعترض مع نفسه وتذمر من داخله بهذا القضاء، وأراد تغييره بأي طريقة ولم يستطع، فهل هذا يؤدي به إلى غضب من الله أم أن الله يعطي له أجر هذا الابتلاء بغض النظر عن صبره عليه أم لا؟ وأفادكم الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: الصبر على البلاء وعدم الجزع أمر مطلوب شرعًا، والأجر فيه بقدر الصبر والتسليم لله عز وجل، وذلك لأن الابتلاء تمحيص للمؤمن واختبار له. قال تعالى: أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ[العنكبوت:2]. وقد بسطنا القول في هذا في الفتوى رقم: 9803. وعليه فلا يجوز للمسلم أن يصدر عنه قول أو فعل ينافي الرضا بقضاء الله تعالى وقدره، وإلا كان فاعل ذلك في غاية العصيان لله تعالى، وذلك لأن قضاء الله تعالى خير كله، وعدل وحكمة، فيرضى به كله. فإن وقع منه لا على سبيل التسخط فلا حرج فيه إن شاء الله تعالى، كما وقع ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها، حين قالت: وا رأساه. فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: بل أنا وا رأساه. قال الحافظ ابن حجر عند شرحه لهذا الحديث: وفيه أن ذكر الوجع ليس بشكاية، فكم من ساكت وهو ساخط، وكم شاك وهو راضٍ، فالمعول في ذلك على عمل القلب لا على نطق اللسان. ومن هذا يتضح للسائل عدم جواز اعتراض القلب على قضاء الله وقدره، اللهم إلاَّ إذا كان ذلك وسوسة لا يستطيع دفعها، فحينئذ لا مؤاخذة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها، ما لم تعمل أو تتكلم. رواه البخاري ومسلم. وليس من عدم الرضا بالقضاء طلب تغيير الابتلاء بالطرق الشرعية، كأن يكون الإنسان مريضًا فيذهب إلى الطبيب للمعالجة أو الرقية الشرعية. والله أعلم.