عنوان الفتوى : حكم الحصول على الدعم المخصص للمصانع من الدولة مع عدم وجود مصنع

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

أخي أخرج عني وعن والدتي ترخيصا لمصنع طوب إسمنتي؛ لكي يتحصل على إسمنت من الشركة المصنعة، ولكن ليس لديه مصنع، بعض التجار من الأقرباء ضحكوا عليه، واستغلوه، فأخذو منه الترخيصين، واشتغلوا بهم لمدة 5 سنوات، وأنا ووالدتي ليس لدينا علم، من فترة سمعت بهم، والناس يقولون: إن هذا حرام، فذهبت إلى المصنع؛ لكي أقفل التراخيص، ولكن اكتشفت أنهم يشتغلون من ورائنا بمبالغ كبيرة، وحسب السوق، يكون لي النصف من المربح، ولم أعرف ماذا أفعل، فهل يجوز لي أخذ هذا المال، والمطالبة بحقي حتى وإن كان هذا المال مشكوكا فيه؟ أم ماذا؟

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله.

الذي فهمنا من سؤالك أن الدولة تعطي الأسمنت مجانا أو مخفضا لمن لديه مصنع لصناعة الطوب الأسمنتي، وأنكم قد حصلتم على الترخيص وليس لديكم مصنع حقيقي.

وإذا كان الأمر كذلك فإنه لا يحل لكم أخذ الدعم الأسمنتي؛ لعدم انطباق الشرط عليكم، فهو من أكل المال بالباطل، وقد قال تعالى: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ النساء/29.

وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ) رواه أبو داود (3594)، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود".

والاعتداء على المال العام أمره عظيم، فقد روى البخاري (3118) عَنْ خَوْلَةَ الْأَنْصَارِيَّةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِنَّ رِجَالًا يَتَخَوَّضُونَ فِي مَالِ اللَّهِ بِغَيْرِ حَقٍّ فَلَهُمْ النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.

 وقال صلى الله عليه وسلم: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لا يَأْتِي بِشَيْءٍ إِلا جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى رَقَبَتِهِ إِنْ كَانَ بَعِيرًا لَهُ رُغَاءٌ أَوْ بَقَرَةً لَهَا خُوَارٌ أَوْ شَاةً تَيْعَرُ ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْنَا عُفْرَتَيْ إِبْطَيْهِ أَلا هَلْ بَلَّغْتُ ثَلاثًا رواه البخاري (7174)، ومسلم (1832) من حديث أبي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ رضي الله عنه.

والرغاء: صوت البعير، والخُوار: صوت البقرة، واليُعار: صوت الشاة.

ثم إنه لا يمكن الحصول على الدعم حينئذ إلا بالكذب والتزوير والخداع، وكل هذه محرمات معلومة.

قال النبي صلى الله عليه وسلم: إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حَتَّى يَكُونَ صِدِّيقًا. وَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا رواه البخاري (5629)، ومسلم (4719).

وقال صلى الله عليه وسلم: (المكر والخديعة في النار) رواه البيهقي في "شعب الإيمان"، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" برقم (6725)، ورواه البخاري في صحيحه معلقا بلفظ: الخَدِيعَةُ فِي النَّارِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ.

فالواجب عليكم منع أقاربكم من استغلال الترخيص، بإلغاء الترخيص، أو شطب المصنع، أو غير ذلك من الإجراءات المتبعة في هذا المقام.

والأرباح التي جناها هؤلاء أرباح محرمة، والواجب عليهم التخلص منها بصرفها للفقراء والمساكين وفي المصالح العامة، ولا يحل لكم أخذ شيء منها، لا النصف ولا غيره، إلا إذا كنتم فقراء محتاجين للمال، فيجوز لكم أن تأخذوا منه ما يدفع حاجتكم بلا زيادة.

وينظر بيان ذلك في جوب السؤال رقم:(78289) .

ونرجو ألا يكون عليكم إثم في المدة التي لم تعلموا فيها بصنيعهم المحرم.

والله أعلم.