عنوان الفتوى : ما حكم البصق جهة القبلة خارج الصلاة؟

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

قال أحد الشيوخ إن البصقّ باتجاه القِّبلة في أيّ وقت إثم، فهل هو صحيح؟ وإذا فعلت ذلك بغير قصد فهل عليّ عقوبة؟

مدة قراءة الإجابة : 6 دقائق

الحمد لله.

أولا:

النهي عن البصق للقبلة في المسجد

صح النهي عن بصق المصلي إلى القبلة في المسجد، كما روى البخاري (416) عن أبي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ إِلَى الصَّلاَةِ، فَلاَ يَبْصُقْ أَمَامَهُ، فَإِنَّمَا يُنَاجِي اللَّهَ مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ، وَلاَ عَنْ يَمِينِهِ، فَإِنَّ عَنْ يَمِينِهِ مَلَكًا، وَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ، أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ، فَيَدْفِنُهَا

وصح النهي عن إيذاء المصلين، واستنبط منه المنع من البصاق إلى القبلة في المسجد من غير المصلي، كالمصلي.

قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" (1/ 512): "قوله: (ما دام في مصلاه) يقتضي تخصيص المنع بما إذا كان في الصلاة، لكن التعليل المتقدم بأذى المسلم يقتضي المنع في جدار المسجد مطلقا، ولو لم يكن في صلاة، فيجمع بأن يقال : كونه في الصلاة أشد إثما مطلقا، وكونه في جدار القبلة أشد إثما من كونه في غيرها من جدر المسجد، فهي مراتب متفاوتة مع الاشتراك في المنع" انتهى.

ثانيا:

البصق إلى جهة القبلة خارج الصلاة وخارج المسجد

أما البصق إلى جهة القبلة خارج الصلاة، وخارج المسجد، ففيه خلاف، فمن الفقهاء من رخص فيه، وجعل النهي المطلق مقيدا بحال الصلاة.

ومنهم من ذهب إلى المنع، متمسكا بالإطلاق.

ومما ورد في إطلاق النهي: ما روى أبو داود ( وابن خزيمة (1663)، وابن حبان (1639) عَنْ حُذَيْفَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم قَالَ:  مَنْ تَفَلَ تُجَاهَ الْقِبْلَةِ : جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَفْلُهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ  وصححه الألباني.

وجاء عن جماعة من الصحابة والتابعين توقي البصق عن اليمين.

قال الحافظ في "الفتح" (1/ 510): "وقد جزم النووي بالمنع في كل حالة، داخل الصلاة وخارجها، سواء كان في المسجد أم غيره.

وقد نقل عن مالك أنه قال: لا بأس به يعني خارج الصلاة.

ويشهد للمنع ما رواه عبد الرزاق وغيره عن ابن مسعود أنه كره أن يبصق عن يمينه وليس في صلاة.

وعن معاذ بن جبل قال: ما بصقت عن يميني منذ أسلمت.

وعن عمر بن عبد العزيز أنه نهى ابنه عنه مطلقا.

وكأن الذي خصه بحالة الصلاة أخذه من علة النهي المذكورة في رواية همام عن أبي هريرة، حيث قال: (فإن عن يمينه ملكا) .

هذا إذا قلنا: إن المراد بالملك غير الكاتب والحافظ ؛ فيظهر حينئذ اختصاصه بحالة الصلاة " انتهى.

والأظهر والله أعلم أن النهي عن البصق إلى القبلة مختص بالصلاة، والأولى اجتناب ذلك خارج الصلاة إن أمكن.

ويتأكد اجتناب البصق عن اليمين؛ لما ورد عن الصحابة، ولأن الإنسان يعرف يمينه بسهولة، بخلاف القبلة.

وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله: " ذكر الشارح عن ابن خزيمة من تفل تجاه القبلة جاء يوم القيامة تَفْلُه بين عينيه هذا في الصلاة؟

فأجاب: هذا محتمل، وهذا مما يؤيد كونه يتفل عن يساره أحسن.

أما في الصلاة : فيتعيّن ، مثل ما قال صلى الله عليه وسلم : (فلا يبصقن) ؛ نهي، والأصل منه التحريم، فلا يبصق أمامه في الصلاة أبدًا، لا في النفل، ولا في الفرض، لا في المسجد، ولا في غيره.

أما في خارج الصلاة : فهذا محل نظر، الأمر فيه سهل، لكن إذا كان عن يساره حتى في خارج الصلاة ، يكون أكمل وأحوط" انتهى من موقع الشيخ ابن باز

وسئل الشيخ عبد الرحمن البراك حفظه الله: " ما حكمُ البصقِ في اتجاهِ القبلةِ خارجَ الصَّلاة ؟

فأجاب: لا إله إلا الله، يظهرُ أنَّهُ لا يَنْبَغِي تعمُّدُ هذا مِن غيرِ حاجة، يظهر، وإلَّا الذي وردَ: (إذا قامَ أحدُكُم في الصَّلاةِ فإنَّه يُنَاجِي ربَّهُ فلا يَبْصُقَنَّ قِبَلَهُ) ؛ فالأحاديثُ ظاهرُها أنَّ ذلكَ خاصٌّ بالصَّلاةِ، لكن القبلةَ لها يعني حُرمةٌ، ولهذا جاءَ النَّهيُ عَن استقبالِها واستدبارِها في قضاءِ الحاجةِ، فالأولى أنْ يبصقَ عَن يمينِه أو عَن يسارِه ، ولا يبصقَ إلى جهةِ القِبلةِ.

الذي وردَ في النّصوصِ هو فِعْلُ ذلكَ في الصَّلاةِ ، لأنَّهُ عَلَّلَهُ بقولِهِ: (فإنَّ اللهَ قِبَلَ وجهِهِ) . وذِكْرُ القبلةِ؛ لأنَّ الرَّسولَ -عليه الصَّلاة والسَّلام- رأى نُخَامةً في قبلةِ المسجدِ، في قبلةِ المسجدِ، يظهر مِن ذلكَ أنَّ الذي فعلَها كانَ يصلّي، فبصقَ قِبَلَ وجهِهِ وهو يُصلّي، فكانَتْ في جدارِ المسجدِ القِبْلِي، في جدارِ المسجِد القِبْلِي" انتهى من موقع الشيخ عبد الرحمن البراك

والحاصل :

أن منع البصق تجاه القبلة خاص بالمسجد في الأظهر، وبمن كان يصلي، سواء صلى في المسجد أو خارجه، لكن الأولى عدم البصق تجاه القبلة مطلقا.

والله أعلم.

أسئلة متعلقة أخري
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي...