عنوان الفتوى : التجلي والنزول من صفات الله
تسأل ابنتي وتقول عندما تجلى الله سبحانه وتعالى للجبل جعله دكاً، فلماذا لا يحدث أي شيء للعالم عندما يتنزل الله سبحانه وتعالى تنزلاً يليق بجلاله كل ليلة؟
الحمد لله.
أولًا:
نسأل الله أن يعيننا وإياك وسائر المسلمين على تربية الأولاد على ما يحبه الله ويرضها، وأن نسلك مسالك أهل الإيمان والتقى، وأن يصلح الله ذرياتنا أجمعين.
ثانيًا:
صفات الله لا تشبه صفات المخلوقين
لا بد أن توضحي لابنتك أن الله سبحانه لا مثيل له، ولا شبيه، وليس كمثله شيء وهو السميع البصير، وأن تؤكد لها أن صفات الله سبحانه يؤمن بها المؤمن لكنها لا يمكن أن تشبه صفات المخلوقين.
وأن تخبريها أن الله تعالى يقدر على ما لا يقدر عليه البشر، فالله تعالى يسمع الجميع، ويبصر الجميع، ويفعل ما يشاء سبحانه وبحمد لأنه الخالق العظيم.
فإذا أخبر الله تعالى عن نزوله فإن المؤمن يؤمن بأنه ينزل، لكن هذا النزول لا يشبه نزول الناس، بل نزوله يحصل بكيفية لا نعلمها، ولا يمكن للبشر إدراكها.
ثالثًا:
الفرق بين التجلي والنزول
وعليك أن تشرحي لها أنَّ هناك فرقًا بين التجلي والنزول.
فالتجلي هو الظهور، ومعناه: الظهور للعيان.
قال تعالى قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنْ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنْ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ مُوسَى صَعِقاً [الأعراف: 143].
"قال الربيع بن أنس: فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا وذلك أن الجبل حين كشف الغطاء ورأى النور، صار مثل دك من الدكاك. وقال بعضهم: جعله دكا أي: فتته.
وقال مجاهد في قوله: ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني فإنه أكبر منك وأشد خلقا، فلما تجلى ربه للجبل فنظر إلى الجبل لا يتمالك، وأقبل الجبل فدك على أوله، ورأى موسى ما يصنع الجبل، فخر صعقا.
وقال عكرمة: جعله دكا قال: نظر الله إلى الجبل، فصار صحراء ترابا. " انتهى، من "تفسير ابن كثير" (3/471). وينظر: "تفسير الطبري" (13/97) وما بعدها.
وينظر أيضا: "صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة"، علوي السقاف: (92).
وأمَّا النزول، فنحن نؤمن أن الله تعالى ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل، كما تواترت بذلك الأحاديث، وهو نزول يليق بجلاله سبحانه، لا نستطيع أن نكيفه أو نتصوره، وليس هو كنزول المخلوق بالانتقال من مكان إلى مكان، بحيث يكون شيء فوقه، بل ينزل إلى السماء الدنيا، وهو على عرشه، وفوق جميع خلقه، فلا يكون شيء فوقه.
وهذا مغاير لنزول المخلوق، ولا يمكن للعبد تخيله، وليس له أن يتوهم أو يتخيل؛ فهو سبحانه "لا تبلغه الأوهام، ولا تدركه الأفهام" كما قال سبحانه: (وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا) طه/110.
وانظر جواب الأسئلة رقم (318449)، ورقم (254465)، (12290)، ورقم (20081).
والله أعلم.