عنوان الفتوى : شروط مهمة ودقيقة لارتكاب منكر اضطراراً من أجل تحقيق مصلحة عامة للمسلمين
أنا موظف في شركة وفي بعض الأحيان ترسلنا الشركة لدورات تدريبية في مجال تخصصنا لتطوير كفاءاتنا و نيل المراتب الوظيفية. ولكن في هذه الدورات ُتعرض علينا أشرطة فيديو مصحوبة بالموسيقى والعنصر النسائي أحياناً . مع العلم أن هذه الدورات مهمة جداً , وإذا لم ندخلها فسوف يدخلها أهل البدع الذين يكرهون السنة ويحاربون أهلها ، وهم يعملون معنا وبذلك يكونون أحق بالترقية منا . سؤالي هو : ما حكم ذهابنا لمثل هذه الدورات ؟.
الحمد لله.
ينبغي نصح القائمين على هذه الدورات ، وتوجيههم إلى الاستعانة بالوسائل المباحة الخالية من الموسيقى وصور النساء ، فإن تحقق ذلك فالحمد لله ، وإن لم يتحقق ذلك، وكان وجود أهل الخير في هذه المؤسسة يترتب عليه نفع عام ومصالح ظاهرة للمسلمين ، وتوقف وجودكم أو تطوير كفاءتكم على حضور هذه الدورات ، وكان في ذلك قطع الطريق على المبتدعة وغيرهم من أهل الانحراف ، ولم يكن حضوركم لمجرد عرض من الدنيا ، وإنما لمصلحة المسلمين العظيمة فلعل حضوركم حينئذ يكون مقبولاً مع الاجتهاد في غض البصر وكراهة ما يقع منه عن غير قصد ، وعدم الاستماع المقصود للموسيقى ، وذلك ارتكابا لأخف الضررين ، إذ إن تفويت الوظائف المهمة ، على أهل الخير ، وتمكين أهل الشر والفساد فيها مفسدة كبرى ينبغي السعي في دفعها ورفعها ، ولو لزم من ذلك ارتكاب مفسدة أقل منها .
وقد أفتى علماؤنا بالجواز في مسائل مشابهة لهذه المسألة ، وذلك مراعاة لقاعدة ارتكاب أخف الضررين دفعاً لأعظمهما .
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله من بعض الطلبة العسكريين بخصوص الموسيقى والعزف في الجيش ، ومما قاله رحمه الله : ( هؤلاء الإخوة الذين يكرهون الموسيقى أو العزف هم مأجورون على كراهتهم ومثابون عند الله ، فإن قدروا على إزالتها أو تخفيفها فهذا هو المطلوب ، وإن لم يقدروا فلا تترك المصالح العظيمة في الالتحاق بالجيش من أجل هذه المفسدة اليسيرة بالنسبة للمصالح ؛ لأن الإنسان ينبغي له أن يقارن بين المصالح والمفاسد ، وأهل الخير إذا تركوا مثل هذه الأعمال من أجل المعصية بقيت لأهل الشر ، وتعرفون خطورة الجيش فيما لو لم يوفق لأناس من أهل الخير ، ولا أحب أن أعين بضرب الأمثلة لما استولى أهل الشر والفساد على الجيوش ووصلوا إلى سدة الحكم ماذا كان ؟ كان من الشر والفساد ما الله به عليم، فأنا أحث إخواني الملتزمين خاصة بأن يلتحقوا بالجيش وأن يستعينوا بالله عز وجل في إصلاح ما أمكنهم إصلاحه . وهذه المفسدة أعني مفسدة الموسيقى أو العزف مفسدة لا شك فيها عندي ، وإن كان فيها اختلاف أشرت إليه قبل قليل ، لكني أقول : هذه المفسدة تنغمر بجانب المصالح العظيمة الكبيرة في أن يتولى قيادة الجيش أناس أهل دين وصلاح )
انتهى من لقاءات الباب المفتوح 1/102 سؤال رقم 168
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله بعد كلمة ألقاها لطلاب قسم الإعلام بكلية اللغة :
قد يضطر رجل الإعلام المسلم لحضور بعض الحفلات أو المسرحيات فيجلس رغم وجود الموسيقى ورغم المشاهد المؤذية ، وذلك حتى يبين ضررها على المجتمع فهل يأثم في ذلك ؟
فأجاب رحمه الله :
إذا كان المقصود المصلحة العامة وليس التمتع ، وأنه قصد من حضوره أن يحذر من الشر ، فدخل في هذه المعمعة أو في هذا المجتمع الذي فيه ما يذم ليعرف شره ويبين عيوبه بقصد صالح فلا بأس ، أما إن دخله لقصد التمتع أو الشر فلا. قال تعالى : ( وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ) الأنعام / 68 ، وقال صلى الله عليه وسلم : " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس على مائدة يدار عليها بالخمر" الترمذي (2725 ) فجعل الله الذين يجلسون مع الخائضين ولم ينكروا عليهم مثلهم )
انتهى ، نقلا عن فتاوى إسلامية 4/368
والله اعلم .
أسئلة متعلقة أخري | ||
---|---|---|
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي... |