عنوان الفتوى : حكم بيع المرابحة مع كون الربح نسبة من الثمن ووجه كراهة بعض السلف لذلك

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

قرأت أن العلماء يحرمون بيع المرابحة بنسبة، وقرأت في كتيب أنه جائز؛ لأن عثمان رضي الله عنه قال للتجار: "كم تربحوني، قالوا: الدرهم بدرهمين" رواه الآجري. السؤال : ما صحة هذه الآثار؟ وهل كلام صاحب الكتيب صحيح؟

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله.

بيع المرابحة: هو بيع السلعة برأس مالها مع ربح معلوم.

والربح إن كان مبلغا مقطوعا، كما لو قال: بعتك برأس مالي فيه وهو مائة، وأربح عشرة، فهو جائز اتفاقا، بلا كراهة.

وإن كان الربح نسبة، كما لو قال: بعتك برأس مالي فيه وهو مائة، وأربح في كل عشرة درهما، أو قال وربحي: 10% من الثمن، فهذا كرهه بعض السلف. ولم يُجزه إسحاق رحمه الله.

والفرق بين الصورتين: أن الأولى الربح فيها يُعلم بمجرد ذكره. وأما الثانية فلا يعلم إلا بالحساب لتُستخرج النسبة.

قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (4/136): " بيع المرابحة، هو البيع برأس المال وربح معلوم، ويشترط علمهما برأس المال، فيقول: رأس مالي فيه، أو هو علي بمائة، بعتك بها، وربح عشرة، فهذا جائز لا خلاف في صحته، ولا نعلم فيه عند أحد كراهة.

وإن قال: بعتك برأس مالي فيه وهو مائة، وأربح في كل عشرة درهما. فقد كرهه أحمد، وقد رويت كراهته عن ابن عمر، وابن عباس، ومسروق، والحسن وعكرمة، وسعيد بن جبير، وعطاء بن يسار.

وقال إسحاق: لا يجوز؛ لأن الثمن مجهول حال العقد، فلم يجز، كما لو باعه بما يخرج به في الحساب.

ورخص فيه سعيد بن المسيب، وابن سيرين، وشريح، والنخعي، والثوري، والشافعي، وأصحاب الرأي وابن المنذر، لأن رأس المال معلوم، والربح معلوم؛ فأشبه ما لو قال: وربح عشرة دراهم.

ووجه الكراهة أن ابن عمر وابن عباس كرهاه، ولم نعلم لهما في الصحابة مخالفا، ولأن فيه نوعا من الجهالة، والتحرز عنها أولى.

وهذه كراهة تنزيه، والبيع صحيح؛ لما ذكرنا، والجهالة يمكن إزالتها بالحساب، فلم تضر" انتهى.

وأجاب الماوردي عن دعوى جهالة الثمن بقوله: " وحكي عن إسحاق بن راهويه أنه أبطله ومنع من جوازه، استدلالا بأن الثمن مجهول وأن كذبه في إخبار الشراء غير مأمون.

والدليل على جوازه: عموم قوله تعالى: وأحل الله البيع وحرم الربا [البقرة: 275]، ولأن الثمن في بيع المرابحة معلوم، كما أنه في بيع المساومة معلوم؛ إذ لا فرق بين قوله: بعتك هذا الثوب بمائة وعشرة، وبين قوله: بعتك بمائة وربح كل عشرة واحد، وأن كلا الثمنين مائة وعشرة، وإن اختلفت العبارتان، كما لا فرق بين قوله: بعتك هذا الثوب بتسعين، وبين قوله بمائة إلا عشرة، في أن كلا الثمنين تسعون، وإن اختلفت العبارتان.

ولا وجه لما ذكر من جهالة الثمن؛ لأن مبلغه وإن كان مجهولا حال العقد، فقد عقداه بما يصير الثمن به معلوما بعد العقد، وذلك لا يمنع من صحة العقد، كما لو باعه صُبْرة طعام كل قفيز بدرهم، صح البيع، وإن كان مبلغ الثمن مجهولا وقت العقد؛ لأنهما عقداه بما يصير الثمن به معلوما بعد العقد" انتهى من "الحاوي"(5/279).

فتبين بهذا أن بيع المرابحة مع كون الربح نسبة من الثمن: جائز في قول الجماهير، وأنه لا وجه لمنعه.

وأما أثر عثمان رضي الله فلم نقف على سنده.

والله أعلم.

أسئلة متعلقة أخري
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي...