عنوان الفتوى : سبب انحراف بني آدم عن التوحيد
إن الله عز وجل خلق الدنيا على التوحيد، فكيف عبدت الأصنام والمخلوقات مثل عبادة الشمس وغيرها؟ علما بأنه عندما نزل سيدنا آدم نزل بالتوحيد أي بداية الدنيا كانت التوحيد، فكيف اختلفت العبادات والأديان؟ وشكراً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فلعل السائل الكريم يسأل كيف بدأ الشرك يصل إلى البشرية بعد هبوط آدم عليه السلام وهو نبي من أنبياء الله تعالى، وإذا كان الأمر كذلك فقد أخرج الحاكم في مستدركه وصححه -وقال الذهبي على شرط البخاري - عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان بين نوح وآدم عشرة قرون كلهم على شريعة من الحق فاختلفوا، فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين. ، ومعنى هذا أن هذه القرون التي تفصل بين آدم ونوح كان أهلها على توحيد الله تعالى وتطبيق شريعته... فلما انتشروا وكثروا وطال بهم العهد بدأ الشرك يدب إليهم بسبب الجهل وتعظيم الصالحين، فقد ذكر المفسرون في قصة نوح عليه السلام وتفسير قول الله تبارك وتعالى: وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلا سُوَاعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً [نوح:23]. ذكروا أن هذه أسماء رجال صالحين كانوا في قوم نوح فلما ماتوا حزن عليهم قومهم حزناً شديداً، فجاءهم الشيطان وزين لهم أن يصنعوا تماثيل على صورهم ليتذكروهم بها ولم يعبدوهم في تلك الفترة، فلما انقضى ذلك الجيل وجاء أحفادهم أوحى إليهم الشيطان أن أسلافكم كانوا يعبدونهم، فعبدوهم من دون الله تعالى، هذه القصة ذكرها غير واحد من المفسرين عن ابن عباس، وأصلها في صحيح البخاري، وهي تدل على أن أبناء آدم ظلوا على توحيد الله وشريعته في الفترة ما بين آدم ونوح، وهي عشرة قرون كما جاء في الحديث، وأن انحرافهم كان بسبب الغلو في تعظيم الصالحين، وكان ذلك عند مبعث نوح. والله أعلم.