عنوان الفتوى : قول: (يا ألله) تعبيرا عن الغضب... رؤية شرعية أخلاقية
سؤال رقم 1: كثيرا ما نعبر عن حالة الغضب المفاجئة بجملة: يا الله (بمد ألف يا، ولام الله) فما حكم ذلك؟ سؤال رقم 2: توظفت في بلدي بواسطة قريب له معرفة مباشرة بالوزير المعني، وفي ظني وقتها أنه لا يوجد نظام معين للدولة لتعيين حملة نفس شهادتي، لكن لاحقا علمت أن الوزارة تعلن عن الشواغر في لوحة إعلانات داخل مبانيها، وتجري معاينة للمتقدمين في معظمها صورية ذات تنسيق مسبق بين الوزارة والمؤسسة وطالب الوظيفة. ما حكم طريقة التحاقي بالوظيفة؟ وفي حالة الحرمة كيف التوبة والتحلل من رواتب أربع سنوات قضيتها بها؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا حرج في هذه العبارة عند الغضب إذا كان القائل يستغيث الله، أو يستنصره، أو يستعينه أو يدعو على الظالم، فإن الاستعانة والاستغاثة بالله مطلوبة، فقد قال الله تعالى: إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ {الأنفال:9}.
وفي وصية النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس: وإذا استعنت فاستعن بالله. رواه الترمذي.
قال في تحفة الأحوذي: وإذا استعنت أي أردت الاستعانة في الطاعة وغيرها من أمور الدنيا والآخرة فاستعن بالله، فإنه المستعان، وعليه التكلان. اهـ
وقال ابن كثير في تفسيره: سبب نزول قوله تعالى: إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ [لأنفال: 9] لما كان يوم بدر نظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه وهم ثلاثمائة ونيف، ونظر إلى المشركين، فإذا هم ألف وزيادة، فاستقبل النبي صلى الله عليه وسلم القبلة وعليه رداؤه وإزاره، ثم قال: اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام فلا تعبد في الأرض أبدا، قال: فما زال يستغيث ربه ويدعوه حتى سقط رداؤه عن منكبيه، فأتاه أبو بكر، فأخذ رداءه فرده، ثم التزمه من ورائه، ثم قال: يا نبي الله: كفاك منا شدتك ربك، فإنه سينجز لك ما وعدك، فأنزل الله عز وجل: إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ [الأنفال:9]. اهـ
وقد كان النطق بيا الله مع مد ألف يا معروفا عند العرب، فقد قال سيبويه في الكتاب (2/ 195) :
واعلم أنه لا يجوز لك أن تنادي اسما فيه الألف واللام البتة؛ إلا أنهم قد قالوا: يا الله اغفِر لنا، وذلك من قبل أنه اسمٌ يلزمه الألف واللام لا يفارقانه، وكثر في كلامهم فصار كان الألف واللام فيه بمنزلة الألف واللام التي من نفس الحروف، وليس بمنزلة الذي قال ذلك، من قبل أن الذي قال ذلك، وإن كان لا يفارقه الألف واللام ليس اسما بمنزلة زيد وعمرو غالبا. . اهـ. وانظر شروح الألفية عند قول ابن مالك:
وباضطرار خص جمع (يا) و(أل) إلا مع الله ومحكي الجمل
والأكثر اللهم بالتعويض وشذ (يا اللهم) في قريض.
هذا؛ وننبه إلى أن المسنون للغضبان هو التوضؤ والاستعاذة بالله من الشيطان، وتغيير الحال من قيام لقعود، ومن قعود لاضطجاع؛ لما أخرج الشيخان أن رجلين استبا عند النبي صلى الله عليه وسلم فجعل أحدهما تحمر عيناه وتنتفخ أوداجه، فقال صلى الله عليه وسلم: إني لأعرف كلمة لو قالها لذهب عنه الذي يجد: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
ولقوله صلى الله عليه وسلم: إذا غضبت فإن كنت قائماً فاقعد، وإن كنت قاعداً فاتكئ، وإن كنت متكئاً فاضطجع. أخرجه ابن أبي الدنيا، وقال العراقي في تخريج الإحياء: إسناده صحيح.
روى الإمام أحمد وأبو داود من حديث عطية بن عروة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الغضب من الشيطان، وإن الشيطان خلق من النار، وإنما تبرد النار بالماء، فإذا غضب أحدكم فليتوضأ.
والدعاء على الظالم مشروع، ولكن الأولى العفو وعدم الدعاء عليه. وقد بينا هذا في الفتوى رقم: 115193. والفتوى رقم: 54408.
وأما بقية الأسئلة فأرسل كل سؤال على حدة.
والله أعلم.