عنوان الفتوى : حكم زيادة الثمن عوضا عن الشرط الجزائي عند التأخر في السداد

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

قمت أنا وإخوتى بعرض قطعة أرض للبيع، فقام عمى برد المشترين بحجة أنه سيشتريها هو، وقام بذلك بدون علمنا فى ذلك الوقت، وقام بعرض سعر أقل من السوق، وذلك لعلمه أننا بحاجة إلى المال، وأيضا فى حال بحثنا عن مشترين جدد سيتطلب ذلك شهورا، فوافقنا مضطرين للحاجة، وقام بدفع عربون 50 ألف جنيه، وسيتم سداد باقى المبلغ بعد شهرين، وشرطنا عليه مبلغ 150 ألف جنيه فى حالة تأخره عن السداد؛ لعلمنا منه أنه يريد التأخير والمماطلة فى السداد لشهور، الآن هو تأخر عن السداد، ويريد ان يأجل لمدة شهرين آخرين، ونحن نريد فسخ العقد الآن، وأخذ قيمة العربون 50 ألف بالإضافة ل 100 ألف أخرى، فتدخل بعض الناس لحل المشكلة، واقترحوا أن يقوم عمى بزيادة سعر الأرض للسعر الحقيقي لها ، بزيادة تقريبا خمسين ألف، ودفع المبلغ بعد شهرين عوضا عن أخذنا الشرط الجزائى. فهل هذا يعتبر ربا إذا وافقنا عليه، أم الأفضل فسخ العقد وأخذ الشرط الجزائى، أم هذا أيضا غير جائز؟ مع العلم إن عمى أضر بنا قبل ذلك، وخسرنا مبلغ 200 ألف جنيه مع مشترى آخر، ونقصت قيمة سعر الأرض لتدخله بنفس الطريقة، أنه يريد شراء الأرض وبسعر أقل، فهذه ليست المرة الأولى له.

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

الحمد لله.

أولا: صحة بيع العربون عند بعض الفقهاء

يصح بيع العربون عند بعض الفقهاء وهو مذهب أحمد رحمه الله، خلافا للجمهور.

والعربون: ما يدفع عند العقد، على أن المشتري إذا لم يكمل الصفة فالعربون للبائع.

قال في "المبدع" (4/ 58): "بيع العربون، وهو أن يشتري شيئا) بثمن معلوم (ويعطي البائع درهما) أو أكثر (ويقول: إن أخذته) احتُسب به من الثمن (وإلا) أي: وإن لم آخذه (فالدرهم لك فقال أحمد: يصح؛ لأن عمر فعله) لما روى نافع بن عبد الحارث: أنه اشترى لعمر دار السجن من صفوان، فإن رضي عمر، وإلا له كذا وكذا " انتهى.

وأما ما يدفع في مرحلة الوعد، فليس عربونا، ولا يجوز للبائع أن يأخذه في حال رجوع الواعد عن وعده.

ثانيا: جواز الاتفاق بين البائع والمشتري على فسخ العقد عند عدم الالتزام بموعد السداد

يجوز أن يتفق البائع والمشتري على أنه يفسخ البيع إذا لم يسدد المشتري الثمن في أجل معين.

قال ابن قدامة رحمه الله: "فإن قال: بعتك على أن تنقدني الثمن إلى ثلاث، أو مدة معلومة، وإلا فلا بيع بيننا: فالبيع صحيح. نص عليه. وبه قال أبو حنيفة، والثوري، وإسحاق، ومحمد بن الحسن. وبه قال أبو ثور، إذا كان الشرط إلى ثلاث. وحكي مثل قوله عن ابن عمر.

وقال مالك: يجوز في اليومين والثلاثة ونحوها، وإن كان عشرين ليلة فسخ البيع.

وقال الشافعي، وزفر: البيع فاسد؛ لأنه علق فسخ البيع على غرر، فلم يصح، كما لو علقه بقدوم زيد.

ولنا، أن هذا يروى عن عمر - رضي الله عنه - ولأنه علق رفع العقد بأمر يحدث في مدة الخيار، فجاز، كما لو شرط الخيار، ولأنه نوع بيع، فجاز أن ينفسخ بتأخير القبض، كالصرف، ولأن هذا بمعنى شرط الخيار؛ لأنه كما يحتاج إلى التروي في البيع، هل يوافقه أو لا؛ يحتاج إلى التروي في الثمن، هل يصير منقودا أو لا. فهما سيان في المعنى، متغايران في الصورة، إلا أنه في الخيار يحتاج إلى الفسخ، وها هنا ينفسخ إذا لم ينقد؛ لأنه جعله كذلك" انتهى من "المغني" (3/ 504).

وقال المرداوي في "الإنصاف" (4/ 358): "(وإن قال: بعتك على أن تنقدني الثمن إلى ثلاث وإلا فلا بيع بيننا. فالبيع صحيح. نص عليه) : وهو المذهب، وعليه الأصحاب. يعني: أن البيع والشرط صحيحان. فإن مضى الزمن الذي وقته له، ولم ينقده الثمن: انفسخ العقد. على الصحيح من المذهب" انتهى.

فإن كنتم قد اشترطتم أن عمك إذا لم يسدد الثمن في وقت معين : فالبيع مفسوخ ، ولكم العربون: فالشرط الصحيح، ولكم العمل به.

 ثالثا: لا يجوز زيادة الثمن مقابل تأخير السداد

لا يجوز زيادة الثمن مقابل تأخير السداد، سواء وجد شرط جزائي بذلك أو لم يوجد؛ لأن زيادة الثمن مقابل زيادة المدة عين الربا، ولا يحل ذلك بأي حيلة، كأن يقولا: نفسخ البيع ونتفق على ثمن جديد ومدة جديدة.

وينظر في بطلان الشرط الجزائي الربوي: جواب السؤال رقم : (112090).

رابعا: الفسخ عند المماطلة في السداد 

إذا لم تشترطوا الفسخ عند عدم السداد أو المماطلة، فهل يجوز الفسخ ؟

في ذلك خلاف بين الفقهاء، وقد ذهب إلى جواز الفسخ عند المماطلة جماعة من أهل العلم منهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، كما سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم : (280600).

وفي حال حصول هذا الفسخ، فإنكم تردون للمشتري ما دفع، ولا يحل لكم أخذ العربون؛ لأن الفسخ هنا ليس لرجوع البائع عن البيع وهذا ما يُستحق به العربون، وإنما الفسخ لمماطلته، إلا أن تكونوا اشترطتم الفسخ وأخذ العربون إذا لم يسدد في وقت معين، كما سبق.

والله أعلم.