عنوان الفتوى : حكم أخذ أموال من المرضى في المسشفيات المجانية لعلاجهم ولأغراض في صالح المستشفى
أنا طبيب جراحة، كنت أعمل كطبيب مقيم تحت التدريب في مستشفى كبير، تجرى فيه العديد من العمليات الجراحية يوميا بالمجان، فالمريض لا يتحمل أية تكاليف، وبعض الحالات تحتاج لمستلزمات جراحية، قد تكون غير متوفرة بالمستشفى، فرئيس القسم كان يأمرني بتحصيل مبلغ من المال من المريض مقابل تلك المستلزمات، وفي كثير من الأحيان يكون هذا المبلغ أكبر من ثمن شراء هذه المستلزمات، ولا يتم إعادة باقي المبلغ للمريض، بحيث يكون المبلغ الزائد على سبيل التبرع، ويستخدم في خدمة غير القادرين من المرضى، أو شراء أجهزة لتجهيز العمليات، وأحيانا إقامة المؤتمرات العلمية، مع العلم أن المريض لا يدري بمبلغ شراء المستلزمات التي قام بدفع المال من أجلها، ولا يتم إعطاؤه فاتورة شراء، ولا يدري أصلا بوجود مبلغ متبقى من المال الذي قام بدفعه. فهل هذا حرام، مع العلم أني لم أعد أعمل في هذا المكان، فلو كان هذا الأمر حراما ماذا أفعل لأكفر عن ذنبي، ولا أكون من آكلي أموال الناس بالباطل؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فليس من حقّ الطبيب إلزام المريض بدفع أجرة لعلاجه في المشتشفيات الحكومية التي تعالج مجاناً، وانظر الفتوى رقم: 115240.
وإذا كان هناك نقص في المستلزمات الطبية، فقد كان على الطبيب أن يبلغ المسؤولين عن المستشفى ليوفروها، وإذا رأى المسؤولون عن المستشفى أنه لا سبيل لتوفير هذه المستلزمات إلا بتحصيل أموال من المرضى، فالواجب أن يطالب المريض بقدر ما يحتاجه فقط، ولا يجوز الاستفادة مما دفعه لعلاج غيره، أو إقامة مؤتمرات طبية، إلا إذا علم المريض ذلك، ورضي به عن طيب نفس.
وعليه، فإنّ ما قمت به من جمع الأموال من المرضى على الوجه المذكور غير جائز، والذي عليك بعد أن تركت هذا المكان، أن تتوب إلى الله عز وجل، والتوبة تكون بالإقلاع عن الذنب، والندم على فعله، والعزم على عدم العود إليه.
وأمّا بخصوص ضمان هذه الأموال التي لا تعلم أصحابها، ولا تقدر على الوصول إليهم، فالظاهر لنا -والله أعلم- أنّه لا يلزمك شيء غير التوبة؛ لأنّ المعروف من كلام أهل العلم في مثل هذه الأحوال أن تصرف الأموال في المصالح والمنافع العامة، وهذه الأموال قد صرفت بالفعل في هذا الوجه.
والله أعلم.