عنوان الفتوى : مذاهب العلماء فيمن انتقض وضوؤه وتمادى في الصلاة

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

قرأت رأي الأحناف فيمن صلى إماما وانتقض وضوؤه فتمادى في الصلاة خجلا، حيث قالوا إن ذلك يعد كفرا، مع أن الإمام لم يقصد الاستهزاء بالصلاة، لكن ما حصل هو بسبب غلبة الهوى، وهو نادم على ما فعل، فهل هناك دليل من الكتاب والسنة بكفر من يفعل ذلك؟ وهل إذا لم يكن هناك إجماع على مسألة في الكفر مثل هذه ولا يوجد دليل في الكتاب والسنة ينتفي الكفر عن الشخص؟.

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا نعلم دليلا من الكتاب أو السنة على أن من صلى بغير طهارة متعمدا يعتبر كافرا, وهناك قول للحنفية بكفره، لتلاعبه؛ لكن الصحيح عنهم عدم كفره موافقة لمذهب الجمهور, كما يوجد قول بكفره عند المالكية، لاستخفافه بأوامر الشرع  الموجبة للطهارة عند أداء الصلاة, وإليك بعض كلام أهل العلم في هذه المسألة:

جاء في الدر المختار للحصكفي الحنفي: قلت: وبه ظهر أن تعمد الصلاة بلا طهر غير مكفر، كصلاته لغير القبلة، أو مع ثوب نجس، وهو ظاهر المذهب، كما في الخانية، وفي سير الوهبانية، وفي كفر من صلى بغير طهارة... مع العمد خُلف في الروايات يُسطر. انتهى.

وفي شرح النووي على صحيح مسلم: ولو صلى محدثا متعمدا بلا عذر أثم، ولا يكفر عندنا وعند الجماهير، وحكي عن أبي حنيفة ـ رحمه الله تعالى ـ أنه يكفر؛ لتلاعبه. انتهى.

وقال الأخضري المالكي: ومن صلى بغير وضوء عامدا، فهو كافر، والعياذ بالله. انتهى.

وفي أسهل المدارك شرح إرشاد السالك في مذهب إمام الأئمة مالك: قال الشارح في هداية المتعبد السالك عند قول المؤلف: ومن صلى بغير وضوء عامدا فهو كافر ـ قد أمر الله سبحانه وتعالى كل من أراد القيام إلى الصلاة بالوضوء بقوله: إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ {المائدة: 6} الآية، والأمر من الله إيجاب وتكليف يجب تصديقه، والإيمان به، والعمل على مقتضاه، فمن تهاون في ذلك واستخف به فهو من قبل الشارع غير محترم، محكوم عليه بالكفر لتهاونه بأوامر الله وعدم الخضوع لها بالإذعان والقبول، وهو أيضا مطرود عن أهل القبلة والجماعة ـ نعوذ بالله من سوء العاقبة ـ قلت: ما ذكره المؤلف وتبعه الشارح من تكفير المصلي بغير وضوء عامدا محمول على ترك الوضوء جحدا أو استخفافا وتهاونا بالأوامر وعدم المبالاة، كما ذكره الشارح، وأما من فعل ذلك كسلا أو عجزا أو جهلا أو نسيانا أو بالضرورة مع اعتقاده وجوب الطهارة، وهو مسلم موحد مؤمن بالله ورسوله، فإنه لم يكن كافرا، ولم يخرجه ذلك من الإسلام، كما هو اعتقاد كثير من المحققين، وغاية الأمر أنه عاص لله ورسوله وتجب عليه التوبة مع وجوب إعادة الصلاة أبدا، لأنها باطلة، هذا هو المفهوم من كلام بعض المحققين رحمهم الله تعالى. انتهى.

وبناء على ما سبق, فإن الإمام المذكور لا يعتبر كافرا على القول الصحيح, لكن يجب عليه أن يبادر بالتوبة إلى الله تعالى، وأن يعيد صلاته, وألا يعود لمثل هذه المعصية الشنيعة، وبخصوص المأمومين, فإن صلاتهم صحيحة، بناء على ما رجحه بعض أهل العلم, كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 138035.

والله أعلم.