عنوان الفتوى : حكم لعق الشفتين المبللتين بالماء للصائم
شكرا على جهودكم الموقرة: هل لعق الشفتين المبللتين بالماء بعد ترطيب الشفاه أو بعد الوضوء أو الغسل مفطر، مع العلم أنني اطلعت على موقعكم فوجدت من يقول إنها غير مفطرة على غرار الفتويين رقم: 216379، و رقم: 57269، وكذلك من يقول إنها مفطرة مثل الفتوى رقم: 163835، مما زاد حيرتي ؟. وجزاكم الله خيرا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في الفتويين المشار إليهما أن لعق الصائم شفتيه وبهما بلل، ثم بلع ريقه لا يفسد الصوم لخفة ذلك البلل، فالبلل ليس شراباً ولا أكلاً، فكأن الصائم قد ابتلع ريقه فقط، وابتلاع الريق لا يفسد الصوم نظراً للمشقة التي تلحق بالتحرز منه.
وأما الفتوى الأخرى: فمقتضى ما جاء فيها أن إخراج الريق أو البلغم إلى ظاهر الشفة ثم بلعه عمداً مفسد للصيام، ولابد من الاحتراز منه، ولا يشق ذلك عادة، وأما بلعه بغير قصد: فلا يفسد، وبلع الريق دون إخراجه إلى ظاهر الشفة فليس بمفسد إجماعاً، ففرق بين من يُخرج ريقه إلى خارج فمه ثم يتعمد رده وابتلاعه، وبين من يلعق شفتيه الرطبتين ثم يبتلع ريقه، فهذا إنما لعق شفتيه، ولم يخرج ريقه خارج فمه ثم يرجعه إلى داخل فمه ليبتلعه، ومجرد بلل الشفتين أو رطوبتهما ليس معناه أن عليهما ماء... فلا داعي للحيرة، فإخراج الريق فوق الشفتين ثم تعمد لعقه أو بلعه هو المفسد للصوم، وأما مجرد لعق الشفتين المبلولتين، فلا يفسده، وانظر الفتاوى التالية أرقامها: 162517، 165697، 217672.
هذا، وننبه السائل الكريم إلى أن عليه أن يحذر من التعمق والتنقيب، فإن ذلك من التكلف المذموم شرعا، وقد يفضي بصاحبه إلى ما لا تحمد عقباه من الفتور أو الشك والتفريط أو الوسواس أو التنطع والتشدد.. فقد قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ {ص: 86}.
وفي صحيح البخاري عن عمر أنه قال: نهينا عن التكلف.
وقال صلى الله عليه وسلم: هلك المتنطعون، هلك المتنطعون ـ قالها ثلاثاً. رواه مسلم.
وقال صلى الله عليه وسلم: إياكم والغلو في الدين، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين. رواه النسائي وابن ماجه وصححه الألباني.
والله أعلم.