عنوان الفتوى : بيع الدين بالدين لا يجوز
يقوم العرب هنا بالعمل في التجارة ببيع ملابس وأدوات منزلية على الناس بالبيوت بالتقسيط، حيث يسلمون البضاعة نظير جزء من الثمن كدفعة أولى ثم يدفع الباقي على أقساط أسبوعية أو شهرية. ويكون للتاجر عدد من الزبائن فيكون له مال عند الزبائن بالبيوت. لكن يأتيه وقت يريد الذهاب إلى بلاده ويكون فى حاجة إلى استرداد تلك الديون التي لم يحن أجلها فيقوم ببيع هؤلاء الزبائن لشخص آخر نظير التنازل عن نسبة من الدين متعارف عليها هنا بالجزيرة 50% من جملة الدين . ويأخذ ذلك التاجر الشخص الجديد إلى بيوت الزبائن ليعرفه عليهم حتى يستطيع تحصيل مبلغ الدين .فما حكم تلك المعاملة علما بأنه:المشتري الجديد من الدائن لا يدفع غالبا كل مبلغ الدين وإنما يدفع له جزءا كبيرا منه.خصم تلك النسبة المتعارف عليها يكون نظير المجهود والمصاريف التى يتحملها المشترى الجديد من بنزين وطلوع للجبال وضياع للوقت مع فتح مجال عمل جديد لذلك المشترى حيث يقوم ببيع مايحتاجونه من بضاعة فينشئ علاقة تجارية جديدة مع الزبائن.هل هذه المعاملة تكون من قبيل بيع الكالئ بالكالئ ؟ و إذا كانت كذلك فما معنى بيع الكالئ بالكالئ ؟ وما درجة صحة هذا الحديث؟جزاكم الله خير الجزاء ونفع بكم. آمين.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
أولاً: ليعلم أن هذه المعاملة من جملة صور يع الدين بالدين، وبيع الدين بالدين قد يكون لمن عليه الدين، وقد يكون لغير من هو عليه الدين، وهذه المعاملة من النوع الثاني.
ثانياً: أن بيع الدين بالدين كثير من صوره محرمة ولا تجوز . بل أطلق بعض العلماء القول بعدم جوازه، وهذا ما نفهمه من ظاهر قول صاحب زاد المسقنع حيث قال: "لا يجوز بيع الدين بالدين" ثم إن المعاملة التي وردت في السؤال محرمة من عدة وجوه:
الوجه الأول: أنها من بيع الدين بالنقد أي بجنس الدين ، وهذا لا يجوز لأنه ربا فضل وربا نسيئة لأن المشتري دفع أقل ليأخذ عنه أكثر من جنسه بعد حين.
الوجه الثاني : أنها من بيع الكالئ بالكالئ أي المؤخر بالمؤخر، وذلك لأنه قد ورد في السؤال أن المشتري يدفع جزءاً من المبلغ وهو الجزء الأكبر والجزء الآخر يكون ديناً على المشتري للبضائع . وهذا هو بيع الكالئ بالكالئ.
الوجه الثالث : أن فيه غرراً وذلك لأن الدين (أي دين المشتري الجديد) يشبه أن يكون غير مقدور على تسليمه لأن ما يطلبه المشتري من زبائنه الجدد وهو الدين الذي في ذمتهم قد يوفى له وقد لا يوفى، فلا يصح إذا، والعلة من النهي عن بيع ما في الذمم هي الخوف من الغرر وعدم التسليم، والله أعلم.
أما عن بيع الكالئ بالكالئ وهو بيع النسيئة بالنسيئة أو المؤخر بالمؤخر ، وإذا أردت شرح الحديث فارجع إليه في شرح الجامع الصغير للمناوي.
أما الحديث فدرجته أنه "ضعيف" ضعفه ابن عدي في الكامل، والحافظ بن حجر في بلوغ المرام، وهو مذكور في ضعيف الجامع الصغير للألباني برقم (6074) وقد بين السيوطي من أخرجه وضعفه الألباني في إرواء الغليل رقم الحديث (1382) المجلد الخامس.
وذكره الزيلعي في نصب الراية وزاد نسبته إلى الطبراني من حديث رافع بن خديج، ولكن الأمة تلقه بالقبول وعليه العمل وإن كان ضعيفاً. والله أعلم.