عنوان الفتوى : الحكمة من استجابة الدعاء أو عدم الإجابة
ربنا لا يستجب لدعائي نهائيا!! لا أعرف ما هو السبب، مع العلم أني أحاول أن أكون ملتزمة، وأحاول ألا أفعل معاصي. مثلا كان هناك أمر من أمور الدنيا، أدعو للحصول عليه منذ حوالي 7 سنين، ودعوت في معظم مواقيت الإجابة، وبالأدعية التي يتقبل بها، وسافرت إلى مكة كثيرا، والحمد لله أديت فريضة الحج، ودعوت في كل الأماكن والأحوال، وبكل الطرق. لكن للأسف كل دعواتي لا يستجاب لها، ومن الصعب جدا أن تتحقق دعوتي هذه في المستقبل؛ لأنها لا تأتي إلا مرة واحدة؛ فأصبحت الآن لا أعلم بماذا أدعو لم تبق عندي أماني، ولا أمل؛ لأني أصبحت لا أريد شيئا من الحياة سوى انتظار الموت، وانتظار الجنة. وهل كوني متضررة من أن ربنا لم يستجب لي، وأقول إن ربنا لا يستجيب لي نهائيا، هل هذا يقلل من ثواب الصبر؟ لا أعرف سبب عدم الاستجابة؟ تعبت والله من كل شيء، وأتمنى أن يرزقني الله الإحساس بوجود الأمل في الحياة. شكرا جزيلا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فاعلمي أن إجابة الدعاء ليست محصورة في تحقق مرادك، بل ثم صور أخرى لإجابة الدعاء، كأن يصرف الله عنك من السوء مثل ما دعوت به، أو يدخر لك ثواب دعائك يوم القيامة، كما ثبت في الأحاديث، واعلمي كذلك أن الإجابة منوطة بعدم العجلة، وأنه يستجاب للعبد ما لم يعجل، وانظري الفتوى رقم: 201652.
وبالجملة، فلن تعدمي من الدعاء خيرا، فأحسني ظنك بالله، واعلمي أن الخير كله بيديه سبحانه، وفوضي إليه أمرك، واعلمي أن تدبيره لك، خير من تدبيرك لنفسك، واختياره لك، خير من اختيارك لنفسك، وأنه قد يكون فيما حجب عنك مما تظنين مصلحتك فيه، خير لك من حيث لا تشعرين، مصداق قوله تعالى: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {البقرة:216}. فتفاءلي، واستبشري، وأملي خيرا، وأحسني بالله ظنك، واصدقي في توكلك عليه، وتفويض أمرك إليه، ولا تدعي الدعاء؛ فإنك لن تعدمي منه خيرا، وثقي بأن الله جل اسمه حكيم عليم، وأنه سبحانه يضع الأشياء في مواضعها، ويوقعها في مواقعها، وأنه سبحانه لا يعطي ولا يمنع إلا لحكمة بالغة قضاها، يستوجب الحمد على ذلك، فارضي بجميع ما يقدره ويقضيه، ويختاره لك، عالمة أنه الخير والحكمة والمصلحة.
والله أعلم.