عنوان الفتوى : الشفاعة لأهل الكبائر
عن أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان ـ زوج النبي صلى الله عليه وسلم ـ قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رأيت ما تلقى أمتي من بعدي، وسفك بعضهم دماء بعض، وسبق ذلك من الله تعالى كما سبق في الأمم، فأحزنني وشق ذلك علي، فسألت الله تعالى أن يوليني فيهم شفاعة يوم القيامة ففعل ـ حسنه الأرناؤوط والألباني في السلسلة الصحيحة: 1440، فعلى هذا الحديث يدخل المؤمنون في الجنة رغم الفتن التي بينهم؟ فما قول السادة الأفاضل؟.
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فالحديث المشار إليه رواه أحمد والطبراني وابن أبي عاصم والحاكم وغيرهم، وقال عنه الألباني ـ رحمه الله تعالى ـ في السلسلة الصحيحة بعد بحث طويل: وبذلك يظهر أنه صحيح على شرط الشيخين، كما قال الحاكم ووافقه الذهبي. اهـ
والحديث ظاهر الدلالة في أن شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم نائلة ـ بإذن الله تعالى ـ هذه الأمة المسلمة وإن وقعت في كبائر الذنوب، وأن هذا لا يحول دون الشفاعة مادامت على التوحيد، ويشهد له حديث أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لِكُلِّ نَبِي دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ، فَتَعَجَّلَ كُلُّ نَبِي دَعْوَتَهُ، وَإِنِّي اخْتَبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لأُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَهِي نَائِلَةٌ ـ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ـ مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِى لاَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا. رواه مسلم.
كما دلت السنة أيضا على أن هذا القتل الواقع في الأمة هو نصيبها من العذاب وأنها ترحم يوم القيامة، ففي الحديث الذي رواه أبو داود والحاكم مرفوعا: إِنَّ أُمَّتِي أُمَّةٌ مَرْحُومَةٌ لَيْسَ عَلَيْهَا فِي الْآخِرَةِ حِسَابٌ وَلَا عَذَابٌ، إِنَّمَا عَذَابُهَا فِي الْقَتْلِ وَالزَّلَازِلُ وَالْفِتَنُ. قال الحاكم: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ ـ ووافقه الذهبي والألباني.
ولفظ أبي داود في السنن: أُمَّتِي هَذِهِ أُمَّةٌ مَرْحُومَةٌ، لَيْسَ عَلَيْهَا عَذَابٌ فِي الْآخِرَةِ، عَذَابُهَا فِي الدُّنْيَا الْفِتَنُ، وَالزَّلَازِلُ وَالْقَتْلُ.
كما دلت السنة أيضا أن هذه الأمة هي أكرم الأمم على الله تعالى، ففي الحديث: أَنْتُمْ تُتِمُّونَ سَبْعِينَ أُمَّةً أَنْتُمْ خَيْرُهَا وَأَكْرَمُهَا عَلَى اللَّهِ. رواه أحمد والترمذي وابن ماجه.
والله أعلم.