عنوان الفتوى : ماذا يلزم من أكمل قراءة التشهد في التشهد الأوسط؟
عند الجلوس بعد الركعة الثانية من صلاة رباعية قرأت التشهد كاملًا: "التحيات لله، الزاكيات لله، الطيبات الصلوات لله، السلام عليك أيها النبي الكريم ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، اللهم صلّ على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد، كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد، كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين، إنّك حميد مجيد" فهل عليّ سجود قبلي أو بعدي أو إعادة الصلاة؟ أم لا شيء عليّ؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإنما ذكرت من إكمال قراءة التشهد في جلسة الوسطى لا يلزمك منه شيء، وصلاتك صحيحة ـ إن شاء الله تعالى ـ.
وفي مشروعية سجود السهو لأجله خلاف، فقيل: لا يشرع له السجود، وقيل: يشرع له على جهة الاستحباب، ولا إثم في تركه، ولا تبطل الصلاة بتركه ولو عمدًا، جاء في المغني لابن قدامة عند الكلام على الزيادات في الصلاة، وأنها على ضربين: زيادة أفعال، وزيادة أقوال، قال: مَا لَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ الصَّلَاةَ، وَهُوَ نَوْعَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَأْتِيَ بِذِكْرٍ مَشْرُوعٍ فِي الصَّلَاةِ فِي غَيْرِ مَحِلِّهِ، كَالْقِرَاءَةِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَالتَّشَهُّدِ فِي الْقِيَامِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، وَقِرَاءَةِ السُّورَةِ فِي الْأُخْرَيَيْنِ مِنْ الرُّبَاعِيَّةِ، أَوْ الْأَخِيرَةِ مِنْ الْمَغْرِبِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، إذَا فَعَلَهُ سَهْوًا، فَهَلْ يُشْرَعُ لَهُ سُجُودُ السَّهْوِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ: إحْدَاهُمَا: لَا يُشْرَعُ لَهُ سُجُودٌ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَبْطُلُ بِعَمْدِهِ، فَلَمْ يُشْرَعْ السُّجُودُ لِسَهْوِهِ، كَتَرْكِ سُنَنِ الْأَفْعَالِ، وَالثَّانِيَةُ: يُشْرَعُ لَهُ السُّجُودُ... فَإِذَا قُلْنَا: يُشْرَعُ لَهُ السُّجُودُ، فَذَلِكَ مُسْتَحَبٌّ غَيْرُ وَاجِبٍ؛ لِأَنَّهُ جَبْرٌ لِغَيْرِ وَاجِبٍ، فَلَمْ يَكُنْ وَاجِبًا، كَجَبْرِ سَائِرِ السُّنَنِ.
ومحل الشاهد من هذا النص هو أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من الأذكار المشروعة في الصلاة، فلا تبطل بزيادته في التشهد الأول، هذا وننبهك إلى أنك لم تذكر فيما قرأت جملة: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ـ وهي من أصل التشهد، وبها سمي التشهد تشهدًا، ومن ألفاظه الصحيحة كما في الموطأ، وغيره.
كما ننبهك إلى أن الأولى، والأفضل في الأذكار والأدعية هو اتباع الألفاظ المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وخاصة في التشهد وأذكار الصلاة جميعها، فقد ذكرت في التشهد الذي قرأت لفظة: الكريم ـ بعد السلام عليك أيها النبي، ولم نقف عليها في شيء من ألفاظ التشهد، كما ذكرت فيه كلمة: سيدنا ـ بعد قولك: اللهم صل على ـ ولم نقف عليها أيضًا في شيء من روايات التشهد، ولا في شيء من صفات الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، جاء في شرح سنن النسائي للأثيوبي قال: وقد عقد القاضي عياض بابًا في صفة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في كتاب الشفاء، ونقل فيه آثارًا مرفوعة عن جماعة من الصحابة والتابعين، ليس في شيء منها عن أحد منهم لفظ: سيدنا.
مع أنه لا تأثير لذلك على صحة الصلاة، جاء في تحفة المحتاج في شرح المنهاج للهيتمي الشافعي: وَيَنْبَغِي أَنْ يُغْتَفَرَ تَخَلُّلُ مَا يَتَعَلَّقُ بِكَلِمَاتِ التَّشَهُّدِ، نَحْوَ لَفْظِ الْكَرِيمِ فِي قَوْلِهِ: أَيُّهَا النَّبِيُّ الْكَرِيمُ، وَوَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ فِي قَوْلِهِ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ..
ولمعرفة بعض صيغ التشهد الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم انظر الفتويين رقم: 34478، ورقم: 8103.
والله أعلم.