عنوان الفتوى : من هو الصحابي الذي دفنته الملائكة ؟

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

من هو الصحابي الذي دفنته الملائكة ؟ خبيب بن عدي أم عامر بن فهيرة رضي الله عنهم؟ لأني قرأت قصة استشهاد الصحابي خبيب بن عدي المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي، ويذكرون فيها أنه عندما استشهد بلغ جبريل عليه السلام الرسول صلى الله عليه وسلم فبعث أحد الصحابة ليأتي بجثته، وعندما أنزل جثته من علي الشجرة لم يجده، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بهذا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (إن الملائكة دفنته)، ولكن لم أجد أي إسناد لهذا الجزء من القصة، وذكر أحد المواقع أن عامر بن فهيرة هو الذي دفنته الملائكة، ولكني لا أثق في ذلك الموقع، وأرجو أن تذكروا لي كتابا موثوقا أجد فيه قصص وآثار الصحابة رضوان الله عليهم.

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

الحمد لله.

أولا:

لم يثبت ما يدل على أن خبيب بن عدي رضي الله عنه دفنته الملائكة !

أما عامر بن فهيرة رضي الله عنه : فقد جاء في بعض الآثار أن الملائكة دفنته، ومن هذه الآثار:

1- ما أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (3/ 231) : قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُرْوَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : " رُفِعَ عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ إِلَى السَّمَاءِ ، فَلَمْ تُوجَدْ جُثَّتُهُ ، يَرَوْنَ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ وَارَتْهُ " انتهى.

إلا أنه أثر ضعيف جدا ؛ لأنه من رواية : محمد بن عمر الواقدي وهو متروك الحديث . وينظر: "تهذيب التهذيب" (9 / 366). 

كما أن فيه : محمد بن عبد الله - ابن أخي الزهري- ، وهو  صدوق له أوهام .  قال ابن حبان: " كان رديء الحفظ ، و كثير الوهم " . وينظر : "تهذيب التهذيب" (9 / 280).

2- ما أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (5/ 382) قال : قَالَ مَعْمَرٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ : أَخْبَرَنِي ابْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : " جَاءَ مُلَاعِبُ الْأَسِنَّةِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَدِيَّةٍ ، فَعَرَضَ عَلَيْهِ الْإِسْلَامَ فَأَبَى أَنْ يُسَلِّمَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِنِّي لَا أَقْبَلُ هَدِيَّةَ مُشْرِكٍ ) . قَالَ فَابْعَثْ إِلَى أَهْلِ نَجْدٍ مَنْ شِئْتَ فَأَنَا لَهُمْ جَارٌ . فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ نَفَرًا ، [فيهم] الْمُنْذِرَ بْنَ عَمْرٍو وَهُوَ الَّذِي كَانَ يُقَالُ الْمُعْنِقُ لَيَمُوتَ ، وَفِيهِمْ عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ ، فَاسْتَجَاشَ عَلَيْهِمْ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ بَنِي عَامِرٍ،  فَأَبَوْا أَنْ يُطِيعُوهُ وَأَبَوْ أَنْ يُخْفِرُوا مُلَاعِبَ الْأَسِنَّةِ ، قَالَ : فَاسْتَجَاشَ عَلَيْهِمْ بَنِي سُلَيْمٍ ، فَأَطَاعُوهُ، فَاتَّبَعُوهُمْ بِقَرِيبٍ مِنْ مِائَةِ رَجُلٍ رَامٍ ، فَأَدْرَكُوهُمْ بِبِئْرِ مَعُونَةَ ، فَقَتَلُوهُمْ إِلَّا عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيّ، فَأَرْسَلُوهُ . قَالَ الزُّهْرِيُّ : فَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ لَمَّا رَجَعَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَمِنْ بَيْنِهِمْ؟ ) . قَالَ الزُّهْرِيُّ : " وَبَلَغَنِي أَنَّهُمْ لَمَّا دَفَنُوا، الْتَمَسُوا جَسَدَ عَامِرِ بْنِ فُهَيْرَةَ فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ، فَيَرَوْنَ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ دَفَنَتْهُ " انتهى.

3- ما أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (3/ 231) : عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ ، وَرِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ : " أَنَّ عَامِرَ بْنَ فُهَيْرَةَ كَانَ مِنْ أُولَئِكِ الرَّهْطِ الَّذِينَ قُتِلُوا يَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ . قَالَ ابْنُ شِهَابٍ : فَزَعَمَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ قُتِلَ يَوْمَئِذٍ فَلَمْ يُوجَدْ جَسَدُهُ حِينَ دُفِنَ . قَالَ عُرْوَةُ : وَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ هِيَ دَفَنَتْهُ "انتهى.

كما أخرج ذلك أبو نعيم في "حلية الأولياء" (1/ 110) : من طريق عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي ابن ابْن كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : " بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَنِي سُلَيْمٍ نَفَرًا فِيهِمْ عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ ، فَاسْتَجَاشَ عَلَيْهِمْ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ، فَأَدْرَكُوهُمْ بِبِئْرِ مَعُونَةَ فَقَتَلُوهُمْ " . قَالَ الزُّهْرِيُّ : " فَبَلَغَنِي أَنَّهُمُ الْتَمَسُوا جَسَدَ عَامِرِ بْنِ فُهَيْرَةَ فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ ، قَالَ : فَيَرَوْنَ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ دَفَنَتْهُ " .

والآثار المذكورة : عامتها بلاغات من الزهري وعروة بن الزبير ، وهما لم يشهدا الحادثة ؛ لأن عامر بن فهيرة قتل في بئر معونة سنة (4 هــ) ، أي قبل أن يولد الزهري وعروة رحمهما الله .

ثانيا:

الكتب المؤلفة عن سير الصحابة رضي الله عنهم كثيرة ومتنوعة ، منها المطولة والمختصرة ، ومنها المسندة وغير المسندة ، ومنها القديمة والمعاصرة .

وقد سبق بيان بعضها في موقعنا في جواب السؤال رقم : (223077).

والله أعلم.