عنوان الفتوى : حكم المكافاة على الحساب الجاري إذا جاءت بعد سحب العميل الرصيد الموجود
ما حكم المكافاة على الحساب الجاري إذا جاءت بعد سحبي ما في الحساب كاملا أو الإبقاء على مبلغ بسيط ، ثم بعد ذلك بفترة تم إيداع مبلغ المكافأة في حسابي، فهل يجوز لي قبوله بحكم كون البنك ليس مقترضا حينها ؟ وإن كان الانتفاع بالمكافاة محرما، هل الأفضل عدم تحقيق شرط المكافأة، أم الحصول عليها والتصدق بها ؟!
الحمد لله.
أولا:
تحرم الهدايا على الحساب الجاري؛ لأنه قرض شرعا، وهدية المقترض للمقرض محرمة، ما لم يحسبها من الدين، أو يكافئ عليها، أو تكون العادة قد جرت بينهما بالإهداء قبل القرض.
وينظر: جواب السؤال رقم: (49015)، ورقم: (153672).
ثانيا:
قد ذكرت في سؤالك السابق أن البنك "يعطي مكافاة مبلغا معينا من المال لمرة واحدة إذا تم ايداع مقدار معين خلال شهرين من فتح الحساب، ويتم إضافة المكافاة للحساب بعد مرور الشهرين".
وهذا يعني أن المكافأة لن تصرف لك إلا بعد الإيداع.
فإذا أبقيت المال أو أبقيت قليلا منه، فإن هذه المكافأة محرمة؛ لأنها مكافأة على القرض، قبل الوفاء.
وإن سحبت جميع المال، فالمكافأة محرمة أيضا وإن كانت بعد الوفاء؛ لأنها في حكم المشروطة؛ للنص عليها في نظام البنك، ولهذا فإن من حق العميل أن يطالب بها، والقرض إذا اشترطت فيه الهدية كان ربا، حتى لو بُذلت الهدية بعد الوفاء.
ثالثا:
هذه المكافأة يلزم ردها، ولا يجوز قبولها.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (4/ 211): " وكل قرض شرط فيه أن يزيده، فهو حرام، بغير خلاف ...
وإن شرط أن يؤجره داره بأقل من أجرتها، أو على أن يستأجر دار المقرض بأكثر من أجرتها، أو على أن يهدي له هدية، أو يعمل له عملا، كان أبلغ في التحريم.
وإن فعل ذلك من غير شرط قبل الوفاء [أي قبل سداد القرض]: لم يقبله، ولم يجز قبوله، إلا أن يكافئه، أو يحسبه من دينه، إلا أن يكون شيئا جرت العادة به بينهما قبل القرض; لما روى الأثرم أن رجلا كان له على سمّاك عشرون درهما ، فجعل يهدي إليه السمك ويقوّمه ، حتى بلغ ثلاثة عشر درهما ، فسأل ابن عباس فقال: أعطه سبعة دراهم.
وعن ابن سيرين ، أن عمر أسلف أبي بن كعب عشرة آلاف درهم ، فأهدى إليه أبي بن كعب من ثمرة أرضه ، فردها عليه ، ولم يقبلها ، فأتاه أبي فقال: لقد علم أهل المدينة أني من أطيبهم ثمرة ، وأنه لا حاجة لنا ، فبم منعت هديتنا ؟ ثم أهدى إليه بعد ذلك فقبل.
وعن زر بن حبيش ، قال: قلت لأبي بن كعب: إني أريد أن أسير إلى أرض الجهاد إلى العراق. فقال: إنك تأتي أرضا فاش فيها الربا ، فإن أقرضت رجلا قرضا ، فأتاك بقرضك ومعه هدية ، فاقبض قرضك ، واردد عليه هديته. رواهما الأثرم.
وروى البخاري ، عن أبي بردة ، عن أبي موسى ، قال: قدمت المدينة ، فلقيت عبد الله بن سلام. وذكر حديثا، وفيه: ثم قال لي: إنك بأرض فيها الربا فاش ، فإذا كان لك على رجل دين ، فأهدى إليك حمل تبن ، أو حمل شعير ، أو حمل قتّ ، فلا تأخذه ، فإنه ربا " انتهى.
والله أعلم.