عنوان الفتوى : مذاهب العلماء فيمن معه ماء يكفي لبعض أعضاء الوضوء
كنا على سفر ومعنا زجاجة ماء ولم تكن ممتلئة، فلعلي ظننت أنها قليلة أو أنني قلت إنه سيصعب علي رفع كم العباءة للوضوء ـ حيث كنا في السيارة ـ مع أنني عندما فكرت بعد مرور ذلك وجدت أنني كنت أستطيع الوضوء حيث كان أخي يقف بجانب الباب، ولا يراني أحد ولا أذكر ما هو السبب تحديدا، ولم أكن أعلم بفتوى الشيخ ابن عثيمين أن من كان عنده ماء لا يكفي للوضوء فإنه يستعمل الماء إلى أن ينتهي، وإن لم يكمل الوضوء فإنه يتيمم حينئذ، فتيممت وصليت، فهل علي شيء؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فنقول ابتداء: إن الغالب في السفر في هذا العصر أن المسافر لن يعدم وجود الماء في طريق سفره، لكونه يمر على مدنٍ أو قرىً أو مساجدَ أو استراحاتٍ ومحطاتِ وقودٍ ونحوِها من الأماكن التي يتوافر فيها الماء، والتيمم إنما أبيح في الأصل لعدم الماء، كما قال تعالى: فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا {المائدة: 6}.
فإذا تيممتِ مع قدرتك على الحصول على الماء في وقت الصلاة، فإن صلاتك لم تصح، ويلزمك قضاؤها، وكذا لو كان الماء الذي معك يكفي كل أعضاء الوضوء وتيممتِ بحجة صعوبة رفع العباءة في السيارة لم تصح الصلاة، ما دام بالإمكان إيقاف السيارة والنزول للوضوء، وأما إن لم تجدي ماء في الوقت وكان الماء الذي معك يكفي لبعض أعضاء الوضوء وتيممت فقط بدل أن تجمعي بين التيمم والوضوء، فإن الفقهاء اختلفوا فيما لو كان الماء قليلا لا يكفي إلا لبعض أعضاء الوضوء هل يتيمم فقط أم يتوضأ بالماء الذي عنده ويتيمم عن باقي الأعضاء، قولان لأهل العلم، جاء في الموسوعة الفقهية: وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ كَذَلِكَ فِيمَنْ لَمْ يَجِدْ مِنَ الْمَاءِ إِلاَّ مَا يَكْفِي بَعْضَ أَعْضَائِهِ، فَذَهَبَ الأْحْنَافُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ إِلَى أَنَّهُ يَتْرُكُ الْمَاءَ الَّذِي لاَ يَكْفِي إِلاَّ لِبَعْضِ أَعْضَائِهِ وَيَتَيَمَّمُ، وَهَذَا أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي الأْظْهَرِ إِلَى أَنَّهُ يَلْزَمُهُ اسْتِعْمَالُهُ، ثُمَّ يَتَيَمَّمُ، وَهُوَ الْوَجْهُ الثَّانِي عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ. اهــ.
فاكتفاؤك بالتيمم والحالة هذه دون الجمع بينه وبينه الوضوء صحيح مجزئ في قول جمهور أهل العلم، ولا حرج عليك في العمل به، ولا تلزمك إعادة تلك الصلاة.
والله أعلم.