عنوان الفتوى : كيفية الصلاة في الطائرة والسيارة لمن خشي فوات الوقت
هل تجوز صلاة الفرض في الطائرة، جالسا على الكرسي، وغير متوجه إلى القبلة؟ أعيش في بلد أجنبي، ولا أستطيع الصلاة في الأماكن العامة. هل تجوز صلاة الفرض في السيارة، جالسا على الكرسي، وغير متوجه إلى القبلة؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فالقيام في صلاة الفريضة، ركن بالإجماع، ولا يسقط إلا عند العجز عنه، وكذا استقبال القبلة، ولا يجوز أن تصلي الفريضة في السيارة قاعدا، ولغير القبلة، بل يلزمك النزول، والصلاة قائما مستقبل القبلة، وانظر الفتوى رقم: 40080، وأيضا في الطائرة إن كان هناك مكان في الطائرة يمكنك أن تصلي فيه قائماً، مستقبل القبلة، وجب عليك ذلك، وإن لم يوجد مكان، فصل قائما في كرسيك مستقبل القبلة، فإن لم يمكن استقبال القبلة، فصل قائما لغير القبلة، فإن لم تستطع القيام أيضا في كرسيك، فصل جالسا، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها، هذا إن لم يمكن أداء الصلاة بعد نزول الطائرة.
قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله تعالى- مبينا كيفية الصلاة في الطائرة: إذا حان وقت الفريضة وأنت في الطائرة، فلا تصلها في الطائرة، بل انتظر حتى تهبط في المطار إن اتسع الوقت, إلا أن يكون في الطائرة محل خاص يمكنك أن تصلي فيه صلاة تامة، تستقبل فيها القبلة, وتركع, وتسجد, وتقوم وتقعد، فصلها في الطائرة حين يدخل الوقت. فإن لم يكن في الطائرة مكان خاص يمكنك أن تصلي فيه صلاة تامة، وخشيت أن يخرج الوقت قبل هبوط الطائرة, فإن كانت الصلاة مما يجمع إلى ما بعدها كصلاة الظهر مع العصر, وصلاة المغرب مع العشاء, ويمكن أن تهبط الطائرة قبل خروج وقت الثانية، فأخر الصلاة الأولى واجمعها إلى الثانية جمع تأخير, ليتسنى لك الصلاة بعد هبوط الطائرة. فإن كانت الطائرة لا تهبط إلا بعد خروج وقت الثانية؛ فصل الصلاتين حينئذ في الطائرة على حسب استطاعتك، فتستقبل القبلة, وتصلي قائماً, وتركع إن استطعت, وإلا فأومئ بالركوع وأنت قائم, ثم اسجد إن استطعت, وإلا فأومئ بالسجود جالساً. اهــ.
وراجع الفتوى رقم: 178121.
وأما عدم استطاعتك الصلاة قائما في الأماكن العامة في بلاد الكفر، فلم تذكر لنا المانع من ذلك حتى نرى هل هو مانع مقبول شرعا أم لا؟ ومجرد كونك تعيش في بلاد الكفر ليس عذرا يبيح ترك القيام، وكثير من المسلمين ممن يعيش في بلاد الكفر يصلون في الأماكن العامة، ويحافظون على صلاتهم، وما يلقاه المسلم من سخرية، أو استهزاء إن صلى في الأماكن العامة، هذا وحده لا يرقى إلى العذر الذي يبيح ترك القيام، وبعض المسلمين -هداهم الله تعالى- ممن يقيم في بلاد الكفر يستحون أن يصلوا في مكان عام بحيث يراهم الناس، والحياء ليس عذرا في ترك القيام في الصلاة، وإذا كان أهل الكفر لا يستحون من ارتكاب القبائح والفواحش في متنزهاتهم، وحدائقهم، فأحرى بالمسلم أن لا يستحي وهو يعبد ربه جل في علاه، وبعضهم ربما أخر الصلاة حتى يخرج وقتها، ويتعلل بأنه ليس هناك مكان مناسب للصلاة، وهذا كله ليس بعذر، فالأرض كلها مسجد وطهور, ومن صلى كذلك فصلاته باطلة، وتلزمه إعادتها، ولو فُرِضَ بأن هناك مبررا شرعيا لعدم استطاعته الصلاة في مكان يراه فيه الكفار كخشية الضرر - خشيةً مبنيةً على أمر واقع أو تجربة، وليس وسوسة أو حياء- فإنه يؤخر الصلاة حتى يذهب إلى البيت، أو للمسجد ويتمكن من الصلاة قائما. فإن خاف خروج الوقت، وخشي الضرر إن صلى قائما، فلا نرى حرجا عليه أن يصلي جالسا للضرورة، والإنسان أعلم بحاله في كونه معذورا أم لا، وقد قال تعالى: بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ * وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ{القيامة: 14 -15}، وانظر الفتوى رقم: 238948، وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.