عنوان الفتوى : شمول حفظ القرآن الكريم، والسر في اختلاف بعض كلماته
هل القرآن محفوظ باللفظ والمعنى أم بالمعنى فقط؟ وما سبب اختلاف بعض الكلمات بين الروايات؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حفظ القرآن الكريم ليس بالمعنى فقط، وإنما يشمل حفظه باللفظ وكيفية الأداء والنطق به؛ كما قال الله تعالى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ {الحجر:9}، فهذا وعد الله الصادق، وقد قال ـ سبحانه وتعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ {فاطر:5}، وهذا الإطلاق يشمل حفظه على العموم؛ فقد وصل إلينا بلفظه وكيفية أدائه تواترا كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه يؤدونه؛ روى سعيد بن منصور والطبراني عن مَسْعُود بْن يَزِيدٍ الْكِنْدِي قَالَ: كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يُقْرِئُ رَجُلًا فَقَرَأَ الرَّجُلُ: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} مُرْسَلَةً، فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: مَا هَكَذَا أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! فَقَالَ: كَيْفَ أَقْرَأَكَهَا يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ فَقَالَ: أَقْرَأَنِيهَا: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} فَمَدَّ. قال السيوطي في الإتقان: وَهَذَا حديث حسن جَلِيلٌ... وراجع الفتوى رقم: 21627.
وأما سبب اختلاف بعض الكلمات في القرآن فهو أن القرآن أنزل على سبعة أحرف تيسيرا ورحمة بالأمة، وهذا الاختلاف ليس اختلاف تضاد أو تناقض، وإنما هو اختلاف تنوع وتكامل يكشف عن بعض وجوه إعجاز القرآن وشمول معانيه، وتيسير تلاوته؛ فهو اختلاف في اللفظ والمبنى، وليس في أصل المعنى، فإن الله تعالى نزه كلامه عن هذا الاختلاف؛ فقال تعالى: وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا {النساء:82}، وانظر الفتوى رقم: 222757، وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.