عنوان الفتوى : لا يجوز نقض الصلح المستوفي للشروط
أمي ترث من والدتها حصة في أطيان زراعية، وفوضتني هي ووالدي في مطالبة خالي عن هذه الحصة بعد أن رفض إعطاءها لنا بطلب والدي، وأنكرها، وقال إن جدتي ليس لديها إرث يورث، وطالبته مرارًا وتكرارًا، ولم يستجب أبدًا، وأخذ في السبّ والشتم، مما اضطرني إلى أن أقيم دعوى في المحكمة كوني محاميًا، وبعد سنة ونصف، وبعد ما تدخل الأهل والأقارب قال: أنا أعطيها مبلغًا من المال. وهذا المبلغ في وقتها منذ ثلاث سنوات كان تقريبًا يساوي نصف قيمة حصة والدتي في الإرث، ولكننا وافقنا لأننا كنا محتاجين لهذا المبلغ، وقامت والدتي بالتوقيع على إقرار باستلامها لكامل حصتها بذلك مرغمين لأننا محتاجون، ولأن القضية ستأخذ كثيرًا من الوقت. والآن وبعد ثلاث سنوات أرسل إلينا مكتب الخبراء لتكملة القضية، لأن القضية لم تنته بعد، والإقرار عرفي لم يودع في القضية. أنا الآن في حيرة من أمري، هل أكمل القضية، وأطالب خالي باستكمال حصة والدتي؟ أم يعد هذا رجوعًا في الاتفاق والوعد؟ خصوصًا أنه كان قد تدخل من أقاربنا وشهد على هذا الاتفاق، أم أرضى بهذا الغبن في حق والدتي وأنهي القضية؟ وجزاكم الله خيرًا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فحيث إنكم قد تصالحتم عن حصة الوالدة مقابل أخذكم المبلغ المذكور، فإن هذا الصلح يعتبر صلحًا صحيحًا ونافذًا، ولا يحق لكم الرجوع عنه. والصلح جائز إلا صلحًا أحل حرامًا أو حرم حلالًا، والمسلمون على شروطهم.
وقد نص أهل العلم على أن الصلح إذا تم بشروطه لزم الجميع التقيد به، ولا يصح نقضه؛ قال العلامة النفراوي في شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني المالكي: وإذا وقع الصلح مستوفيًا لشروطه كان لازمًا، ولا يجوز تعقبه -أي نقضه-.
وعلى ذلك؛ فلا يجوز لك إكمال القضية والمطالبة باستكمال حصة والدتك، طالما لم يكرهكم أحد على الصلح -فيما يظهر- وإنما تعجلتموه بإرادتكم.
والله أعلم.