عنوان الفتوى : بدء الخلق، ونظرية الانفجار الكبير
في فتواكم (70217) ، قلتم أن الأرض قد تم إنشاؤها أولا دون أن تمدّ ثم تمّ إنشاء السماوات (السماء) ثم امتدت الأرض (دحاها). كان هذا هو رأي ابن عباس وابن كثير. 1) ما الذي تشير إليه الأرض في المرحلة الأولى من الخلق قبل أن تمدّ؟ هل يعني ذلك أن الله خلق كوكبا كرويا وحيدا هامدا في الفضاء أم أنه يشير إلى مادة صلبة خام بلا شكل من الأرض؟ 2) هل يجوز تأييد رأي قتادة والقرطبي بأن السماوات قد نشأت بالفعل أولًا كدخان ثم خلقت الأرض؟ وأن كلمة "ثمّ" في القرآن 2:29 يمكن أن تعني "علاوة على ذلك" وليس تسلسلًا فعليًا للأحداث؟ 3) هل تم إنشاء السماوات والأرض من المياه البدائية الموجودة بالفعل التي يستقرّ فيها عرش الله تعالى؟ 4) ما رأيك في نظرية الانفجار الكبير؟ هل هو متوافق مع القرآن؟
الحمد لله.
أولًا :
خلق الله الأرض قبل السماء بنص القرآن ، ثم كان دحو الأرض بعد خلق السماء ، قال ابن كثير: " وهذا المكان فيه تفصيل لقوله تعالى : ( خلق السموات والأرض في ستة أيام ) [الأعراف: 54] ، ففصل هاهنا ما يختص بالأرض مما اختص بالسماء، فذكر أنه خلق الأرض أولا لأنها كالأساس، والأصل أن يبدأ بالأساس، ثم بعده بالسقف، كما قال: ( هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سموات ) الآية [البقرة: 29],
فأما قوله: ( أأنتم أشد خلقا أم السماء بناها رفع سمكها فسواها وأغطش ليلها وأخرج ضحاها والأرض بعد ذلك دحاها أخرج منها ماءها ومرعاها والجبال أرساها متاعا لكم ولأنعامكم ) [النازعات: 27-33] ؛ ففي هذه الآية : أن دحي الأرض كان بعد خلق السماء ، فالدحي هو مفسر بقوله: ( أخرج منها ماءها ومرعاها ) ، وكان هذا بعد خلق السماء ، فأما خلق الأرض فقبل خلق السماء بالنص"، تفسير ابن كثير: (7/ 156).
وانظر جواب السؤال رقم: (31865)، ورقم: (145809).
ثانيًا :
مادة خلق السماء بخار الماء ، وقد سبق في جواب السؤال رقم (238999) تفسير قوله تعالى : ( وهي دخان ) بأن المقصود بالدخان هنا : بخار الماء .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" وَهَذَا الدُّخَانُ هُوَ بُخَارُ الْمَاءِ الَّذِي كَانَ حِينَئِذٍ مَوْجُودًا ، كَمَا جَاءَتْ بِذَلِكَ الْآثَارُ عَنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ ، وَكَمَا عَلَيْهِ أَهْلُ الْكِتَابِ " انتهى من "مجموع الفتاوى" (5/ 564).
وقال أيضا :
" قيل : هو البخار الذي تصاعد من الماء الذي كان عليه العرش ، فإن البخار نوع من الدخان " انتهى من " الصفدية " (2/ 76) . وينظر : "تفسير ابن كثير" (7/ 166) .
ثالثًا:
نظرية " الانفجار الكبير " إحدى أهم النظريات الحديثة في تفسير "نشأة الكون" ، وفي ستينيات القرن الماضي بدأت نظرية الانفجار العظيم Big Bang بالتغلب على نظرية الكون المستقر ، وهي تنص على أن الكون الذي يتسع باستمرار، كان قد نشأ من نقطة أولية ، وأن النشوء والاتساع الكوني يتوقفان على قوانين وثوابت فيزيائية في غاية الدقة .
وهذه النظرية لا تتعارض من حيث المبدأ ما قرره الإسلام من بدأ الخلق ، ولكنها ، على أية حال : ليست مستندا لأهل الإيمان في وجود الرب وخلقه ، ولا هي القول المستقر في تفسير نشأة الكون، وإنما هي مجرد "نظرية" من النظريات التفسيرية.
أما تفاصيل هذه النظرية ، فالله أعلم بها .
انظر : "ميليشيا الإلحاد" للعجيري : ( 117 - 119).