عنوان الفتوى : حكم كتابة قصص خيالية شخصياتها قوتهم خارقة
أنا أكتب قصصًا خيالية عن أشخاص بقوة خارقة، فما هي حدود القوة الخارقة التي يجوز كتابتها؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج من حيث الأصل في تأليف القصص الخيالية لتقريب المعاني وإيضاح الأفكار، ومعالجة قضايا الواقع بطرق ملفتة للنظر وجاذبة للانتباه، ولا يدخل هذا في الكذب المحرم.
جاء في كتاب التراتيب الإدارية للكتاني: وفي الدر المختار في شرح تنوير الأبصار، للعلامة الحصكفي الدمشقي من كتب فقه الحنفية: حديث حدثوا عن بني إسرائيل يفيد حل سماع العجائب والغرائب من كل ما لا يتيقن كذبه، بقصد الفرجة لا الحجة، بل وما يتيقن كذبه، لكن بقصد ضرب الأمثال والمواعظ، وتعليم نحو الشجاعة على لسان آدميين أو حيوانات. ذكره ابن حجر. اهـ.
قال الشمس ابن عابدين في حواشيه عليه، المسماة رد المحتار على قوله: "لكن بقصد ضرب الأمثال": وذلك كمقامات الحريري، فإن الظاهر أن الحكايات التي فيها عن الحارث بن همام والسروجي لا أصل لها. وإنما أتى بها على هذا السياق العجيب لما لا يخفى على من طالعها، وهل يدخل في ذلك مثلًا قصة عنترة والملك الظاهر إذا قصد به ضرب الأمثال ونحوها؟ فيحرر. اهـ.
قلت: ومنه قصص ألف ليلة وليلة، وألف يوم ويوم، فكل ذلك من معنى ما ذكر وأمثاله، مما يقصد به زيادة على تنشيط النفس العلم بمجريات من سبق؛ لأن القصص وإن كانت خرافية، فلا تخلو من إفادة عن حال واضعيها ومدونيها، أو من دوّنت على لسانهم. والله أعلم.
وفي فتاوى ابن حجر الهيثمي: مقامات الحريري على صورة الكذب ظاهرًا ولكنها في الحقيقة ليست كذلك، وإنما هي ضرب الأمثال، وإبراز الطرق الغريبة والأسرار العجيبة، والبديع الذي لم ينسج على منواله، ولا خطر بفكر أديب، فشكر الله سعي واضعها، ومن أطلق عليها الكذب استهزاء بما فيها من العلوم كفر؛ فقد قال الأئمة: من قال: قصعة من ثريد خير من العلم. إنه يكفر، فإذا كفر بهذا سواء قصد استهزاء أم لا، فما ظنك بمن يستهزئ بالعلم ويجعله كذبا؟! اهـ. انتهى النقل بطولِه من كتاب التراتيب الإدارية.
وأما بخصوص الشخصيات ذات القوى الخارقة في القصص الخيالية: فالمأذون فيه منها -حسب ما نراه- هو ما لا تتضمن ادعاء شيء من خصائص الربوبية، أو الألوهية؛ كالقدرة على إحياء الموتى، ومعرفة الغيب، ولم تكن من قبيل السحر والشعوذة، ولم تشتمل على مضاهاة بين الخالق والمخلوق، ونحو ذلك مما يتعارض مع العقيدة، وراجع الفتوى رقم: 221404، والفتوى رقم: 285340.
والله أعلم.