عنوان الفتوى : حكم حج من عليه دين
سؤالي كما يلي: منذ حوالي سنة ونصف وأنا في اليقظة في كامل قواي العقلية تشكلت لي صورة في مخيلتي بشرى بدايتها من شهر مارس على شكل شعاع وقمته شهر سبتمبر بشكل هلال به رزنامة شهور من شهر مارس إلى شهر سبتمبر، وفي هذا الشهر سطع نور ما شاء الله، وفي معتقدي أن الله سيلبي لي رغبتي بتحقيق أمنيتي التي في قلبي، وقد عرضت هذه الهواجس على إمام عندنا وهو ملم بتفسير الأحلام، فأعلمني أن هذا نوع من الإلهام، وبشرني بتحقيق مرادي، مع العلم أن هذا الإمام فسر لي حلمًا بعد هذا بأداء العمرة، وفعلًا أديت العمرة في شهر مارس، كما كان في مخيلتي. وللعلم أنني رأيت قبل الذهاب إلى العمرة حلمين تحققا كما رأيتهما، والآن أنا أعيش في حيرة؛ فعليّ دَين أريد أن أؤديه بينما قوة من داخل ذاتي تدفعني إلى السعي للحج، ولي إحساس أن لي موعدًا مع شخص ما لا يجب أن أضيع لقاءه، فربما يكون على يديه تحقيق حلمي. هذا ما يجول في خاطري، فبماذا تنصحونني؟ مع العلم أن سبق لي أن رأيت رؤى تحققت، وهي من المبشرات، ولا يسع ذكرها. وشكرًا لكم، وبارك الله فيكم.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا ننصح السائل بالاستعانة بالله تعالى في تحقيق طموحاته، وأن يبذل ما تيسر له من الوسائل في تحصيلها عملًا بما شرع الله له من بذل الأسباب، وبقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "المؤمن القوي خير وأحب إلي الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير. احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجز. وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كان كذا وكذا. ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل. فإن لو تفتح عمل الشيطان" رواه مسلم.
وفي صحيح مسلم أن سراقة بن مالك قال: يا رسول الله، بَيِّنْ لنا ديننا كأنا خلقنا الآن، فيما العمل اليوم؟ أفي ما جفت به الأقلام وجرت به المقادير أم فيما نستقبل؟ قال: لا، بل فيما جفت به الأقلام وجرت به المقادير. قال: ففيم العمل؟ قال: اعملوا، فكل ميسر. وفي رواية: كل عامل ميسر لعمله.
قال النووي في شرح مسلم: وفي هذه الأحاديث النهي عن ترك العمل والاتكال على ما سبق به القدر، بل تجب الأعمال والتكاليف التي ورد الشرع بها، وكل ميسر لما خلق له لا يقدر على غيره. اهـ.
وأما عن الحج والدَّين: فإن لم يكن الدَّين حالًّا فلا حرج عليك في تقديم الحج على القضاء؛ فقد ذكر أهل العلم أن الدَّين الذي يمنع من الذهاب إلى الحج هو الذي توفرت فيه الشروط التالية:
الأول: أن يكون حالًّا؛ فإن كان مؤجلًا فيشترط فيه فقط ألا يؤثر الذهاب إلى الحج على سداده.
الثاني: ألا يأذن من له الدَّين؛ فإن أذن فلا بأس أن يحج المدين، ولو أدى ذلك إلى التأخر في السداد.
الثالث: ألا يوجد عنده ما يكفي لسداده؛ فإن كان عنده ما يكفي لسداده، فلا بأس أن يحج، ولو لم يأذن الدائن.
الرابع: أن يكون الحج من مال الشخص نفسه، فإذا تكفل غيره بنفقة حجه، فلا بأس في أن يحج.
والله أعلم.