عنوان الفتوى : مكان الناس يوم تبدل الأرض غير الأرض

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

كيف ينتقل الناس من الأرض إلى الصراط ؟ أي عندما نبعث من قبورنا نكون على الأرض ، وعندما نأخذ كتبنا نكون على الأرض ، وعندما يؤتى بالميزان نكون على الأرض ، وعندما تتطاير الصحف نكون على الأرض ، لكن بعدها كيف ننتقل حتى نصبح فوق جهنم ونسير على الصراط ؟ وكيف ننتقل من بعد الصراط إلى الجنة ، نسأل الله من فضله ؟

مدة قراءة الإجابة : 8 دقائق

الجواب : 

الحمد لله 

قال تعالى:   يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُواْ للهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ   إبراهيم/48.

قال الدكتور عمر سليمان الأشقر، رحمه الله:

" وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن هذا التبديل يحصل وقت مرور الناس على الصراط ، أو وهم ينتظرون المرور على الصراط.

ففي الحديث : " أن يهوديًا سأل النبي صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ الْيَهُودِيُّ: أَيْنَ يَكُونُ النَّاسُ يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  هُمْ فِي الظُّلْمَةِ دُونَ الْجِسْرِ  رواه مسلم (315).

وعَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: " سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ:  يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ  إبراهيم/48 ، فَأَيْنَ يَكُونُ النَّاسُ يَوْمَئِذٍ ؟ يَا رَسُولَ اللهِ فَقَالَ:  عَلَى الصِّرَاطِ رواه مسلم(2791).

الأرض التي يحشر العباد عليها في يوم القيامة أرض أخرى غير هذه الأرض:

قال تعالى:  يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُواْ للهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ   إبراهيم/48 .

وقد حدثنا الرسول صلى الله عليه وسلم عن صفة هذه الأرض الجديدة التي يكون عليها الحشر، ففي صحيحي البخاري ومسلم عن سهل بن سعد قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:  يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء كقرصة النقي   .

قال سهل أو غيره:   ليس فيها معلم لأحد   .

قال الخطابي: العفر: بياض ليس بناصع. وقال عياض: العفر بياض يضرب إلى حمرة قليلاً.

وقال ابن فارس: معنى عفراء خالصة البياض .

والنَقِيّ: فتح النون وكسر القاف، أي: الدقيق النقي من الغش والنخال.

والمعْلم: العلامة التي يُهتدى بها إلى الطريق، كالجبل والصخرة، أو ما يضعه الناس دالاً على الطرقات، أو على قسمة الأراضي.

وقد جاءت نصوص كثيرة عن عدد منا لصحابة تفيد معنى الحديث الذي سقناه هنا ، ورواه صاحبا الصحيحين:

فقد أخرج عبد بن حميد والطبري في تفاسيرهم والبيهقي في شعب الإيمان من طريق عمرو بن ميمون عن عبد الله ابن مسعود في قوله تعالى: (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ) إبراهيم/48 .

قال:   تبدل الأرض أرضاً كأنها الفضة ، لم يسفك عليها دم حرام، ولم يعمل عليها خطيئة  ورجاله رجال الصحيح، وهو موقوف، وأخرجه البيهقي من وجه آخر مرفوع. وقال: الموقوف أصح.

وأخرجه الطبري والحاكم من طريق عاصم عن زر بن حبيش عن ابن مسعود بلفظ:   أرض بيضاء كأنها سبيكة فضة   ورجاله موثقون أيضاً.

وعند عبد بن حميد ، من طريق الحكم بن أبان ، عن عكرمة ، قال: بلغنا أن هذه الأرض ، يعني أرض الدنيا ، تطوى، وإلى جنبها أخرى ، يحشر الناس منها إليها.

وفي حديث الصور الطويل:   تبدَّل الأرض غير الأرض والسماوات، فيبسطها ويسطحها، ويمدّها مدَّ الأديم العكاظي، لا ترى فيها عوجاً ولا أمتاً، ثم يزجر الله الخلق زجرة واحدة، فإذا هم في هذه الأرض المبدَّلة، في مثل مواضعهم من الأولى، ما كان في بطنها كان في بطنها، وما كان على ظهرها كان على ظهرها .

وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن الذي يبدل من الأرض : إنما هو صفاتها فحسب:

فمن ذلك : حديث عبد الله بن عمرو الموقوف عليه، قال:   إذا كان يوم القيامة مُدت الأرض مد الأديم، وحشر الخلائق   .

ومن ذلك : حديث جابر ، رفعه :   تمدُّ الأرض مدّ الأديم، ثم لا يكون لابن آدم منها إلا موضع قدميه  ، ورجاله ثقات، إلا أنه اختلف على الزهري في صحابيه.

ومنها : حديث ابن عباس في تفسير قوله تعالى:  يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ  إبراهيم/48 ، قال:  يزاد فيها، وينقص منها، ويذهب آكامها وجبالها، وأوديتها، وشجرها، وتمد مد الأديم العكاظي  .

الوقت الذي تبدل فيه الأرض غير الأرض والسماوات:

أفادنا الرسول صلى الله عليه وسلم: أن الوقت الذي يتم فيه هذا التبديل ، هو وقت مرور الناس على الصراط ، أو قبل ذلك بقليل.

ففي صحيح مسلم عن عائشة قالت: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله عز وجل:  يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ  إبراهيم/48 ؛ فأين يكون الناس يا رسول الله؟ فقال: على الصراط  .

وفي صحيح مسلم أيضاً عن ثوبان أن حبراً من أحبار اليهود سأل الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: أين يكون الناس يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:  هم في الظلمة دون الجسر  ، والمراد بالجسر الصراط." انتهى من "القيامة الكبرى" (65-68).

وينظر للفائدة جواب السؤال رقم : (241665) ، ورقم : (228569) .

والله أعلم