عنوان الفتوى : الصيغ المأثورة للشهادتين
هل هناك صيغة معينة، ثابتة، للنطق بالشهادتين، يجب أن يلتزم بها الإنسان، أم إن الأمر فيه سعة؟ فمثلا هل يجوز أن ننطق الشهادتين هكذا: (لا إله إلا الله، محمد رسول الله ) ويصبح الإنسان مسلما؟ ومثلا من زاد كلمة: "عبده" في الشهادتين. هل يصبح مسلما؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإنه يشرع النطق بكلمتي التوحيد مجتمعتين، وبهما يصير العبد مسلما، إذا حصل مع ذلك الاعتقاد الجازم بمقتضاهما، والعمل بذلك. فالنبي صلى الله عليه وسلم عندما جاءه جبريل في صورة رجل، وسأله عن الإسلام قال له: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً. متفق عليه.
وقال صلى الله عليه وسلم: أمرت أن أقاتل الناس، حتى يشهدوا ألا إله إلا الله، وأن محمداً عبده ورسوله. رواه البخاري.
وفيه مشروعية زيادة كلمةعبده، وقد ثبت هذا أيضا في عدة أحاديث منها:
ما فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عُبادَةَ بْنِ الصَّامِتِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ, صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللَّهِ وَابْنُ أَمَتِهِ، وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ, وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ، وَأَنَّ النَّارَ حَقٌّ؛ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ شَاءَ. متفق عليه.
وفي الحديث عن شقيق بن سلمة قال: قال عبد الله أي ابن مسعود: كنا إذا صلينا خلف النبي صلى الله عليه و سلم قلنا: السلام على جبريل وميكائيل، السلام على فلان، وفلان. فالتفت إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن الله هو السلام، فإذا صلى أحدكم فليقل: التحيات لله، والصلوات، والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين؛ فإنكم إذا قلتموها، أصابت كل عبد لله صالح في السماء، والأرض. أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. متفق عليه.
وَفِي التِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيِّ. وَفِي الْمُسْنَدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ سَيُخَلِّصُ رَجُلًا مِنْ أُمَّتِي عَلَى رُؤوسِ الْخَلَائِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيَنْشُرُ عَلَيْهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ سِجِلًّا, كُلُّ سِجِلٍّ مِثْلُ مَدِّ الْبَصَرِ ثُمَّ يَقُولُ: أَتُنْكِرُ مِنْ هَذَا شَيْئًا؟ أَظْلَمَكَ كَتَبَتِي الْحَافِظُونَ؟ فَيَقُولُ: لَا يَا رَبِّ. فَيَقُولُ: أَفَلَكَ عُذْرٌ؟ فَيَقُولُ: لَا يَا رَبِّ. فَيَقُولُ: بَلَى إِنَّ لَكَ عِنْدَنَا حَسَنَةً, وَإِنَّهُ لَا ظُلْمَ عَلَيْكَ الْيَوْمَ, فَيُخْرِجُ بِطَاقَةً فِيهَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ, وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. فَيَقُولُ: احْضُرْ وَزْنَكَ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ مَا هَذِهِ الْبِطَاقَةُ، مَعَ هَذِهِ السِّجِلَّاتِ؟ فَقَالَ: فَإِنَّكَ لَا تُظْلَمُ. قَالَ: فَتُوضَعُ السِّجِلَّاتُ فِي كِفَّةٍ، وَالْبِطَاقَةُ فِي كِفَّةٍ, فَطَاشَتِ السِّجِلَّاتُ، وَثَقُلَتِ الْبِطَاقَةُ, وَلَا يَثْقُلُ مَعَ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى شَيْءٍ. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ، وصححه الألباني.
وقد اختلف في دخول الكافر للإسلام هل يشترط فيه نطقه بالشهادتين معا، أم يكفي نطقه بشهادة أن لا إله إلا الله؛ ثم يطالب بالشهادة بالرسالة.
قال ابن عثيمين: اختلف العلماء، هل توبة المرتد والكافر بقول: لا إله إلاَّ الله فقط، ثم يطالب بشهادة أن محمدًا رسول الله، فإن شهد وإلا قتل، أو لا يدخل في الإسلام حتى يشهد الشهادتين؟ اهـ.
وقال ابن حجر الهيتمي في تحفة المحتاج: أما الكافر فيلقنهما ـ يعني الشهادتين- مجتمعتين؛ إذ لا يصير مسلما إلا بهما. اهـ.
والله أعلم.