عنوان الفتوى : السر الحقيقي لمعركة الجمل وصفين
هناك من يقول: إن طلحة والزبير ومعاوية -رضي الله عنهم- لو كانوا خرجوا مطالبين عليًّا -رضي الله عنه- بالقصاص لكان القصاص أهون عليه من أن يقيم تلك المعارك الطاحنة مع الصحابة، فكيف يستصعب القصاص من قتلة عثمان ويستسهل قتال جيشين على التوالي يقودهما الصحابة؟! فماذا ترون -بارك الله فيكم-؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن المشهود لهم بالجنة كعلي وطلحة والزبير قد اتفقوا قبل معركة الجمل على الصلح، ولكن قتلة الخليفة عثمان -رضي الله عنه- خافوا من ملاحقتهم بعد اتفاق الفريقين، فقرروا إنشاب الحرب بين الفريقين، فظن كل أهل الصلاح من الفريقين أنه ابتدئ بالظلم فرد عن نفسه، فحصل ما حصل مما لم يكن عن أمر وقصد هؤلاء المشهود لهم بالجنة.
وراجع للبسط في الموضوع الفتوى رقم: 10605، والفتوى رقم: 3227.
وقد ذكرنا في الفتوى رقم: 187905 سبب معركة صفين، وهي تلك المعركة التي دارت بين جيش علي -رضي الله عنه- وجيش معاوية -رضي الله عنه-، بسبب الخلاف بينهما حول قتلة عثمان -رضي الله عنه-، وبيّنّا في الفتوى رقم: 30222 أن السبب الحقيقي في القتال هم المنافقون المندسون بين الصفين.
فإذا علمت ذلك ووقفت على ما ذكرناه في تلك الفتاوى المحال عليها، تبين لك خطأ السؤال الذي أوردته عن بعض من يقول: فكيف يستصعب -يعني عليًّا- القصاص من قتلة عثمان ويستسهل قتال جيشين على التوالي يقودهما الصحابة؟
لأن الجواب: أن كلا الفريقين في المعركتين لم يرد قتال الآخر، وإنما أشعل فتيل الحرب فيهما أهل الظلم من قتلة عثمان -رضي الله عنه- والمنافقين، وأن قتلة عثمان قد تفرقوا في الناس، وغيرها من الأسباب المذكورة في بعض تلك الفتاوى.
وننصحك بالابتعاد عن الخوض في ما شجر بين الصحابة، فإن مذهب أهل السنة والجماعة هو الكف عن الخوض في هذه الفتن التي دارت بين الصحابة، واعتقاد أنها كانت عن اجتهاد منهم، وأن تلتزم بقولة عمر بن عبد العزيز المشهورة:تلك فتنة عصم الله منها سيوفنا فلنعصم منها ألسنتنا.
والله أعلم.