عنوان الفتوى : إطلاق كلمة "روح القرآن"، ومعناها
رأيت كتباً وبرامجا تلفزيونية تحت اسم ( روح القرآن ) ، سؤالي ما حكم هذه التسمية مع التوضيح ؟
الحمد لله
أولًا:
وصف الله القرآن بأنه روح، قال تعالى: وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا [الشورى: 52].
ووصفه بذلك لكونه سببًا للحياة الطيبة، والسعادة السرمدية، ولأن القلوب والأرواح تحيا به، وذلك لما فيه من الخير الكثير، والعلم الغزير .
انظر: "أسماء القرآن وأوصافه"عمر الدهيشي (343).
ثانيًا:
مصطلح (روح القرآن) حادث، فلا نعلمه من الأسماء الشرعية، والصحيح في مثل هذه الأسماء الاستفصال عن معناه، كما ذكر شيخ الإسلام أن المخاطب: " يفصل ويقول: ما تريدون بهذه الألفاظ؟ فإن فسروها بالمعني الذي يوافق القرآن: قبلت، وإن فسروها بخلاف ذلك ردت " انتهى من "درء التعارض"(1/ 229).
وقال أيضا: " وأما الألفاظ المجملة: فالكلام فيها بالنفي والإثبات، دون الاستفصال: يوقع في الجهل والضلال، والفتن والخبال، والقيل والقال، وقد قيل: أكثر اختلاف العقلاء من جهة اشتراك الأسماء " انتهى من "منهاج السنة"(2/ 217).
ثالثًا:
باستقراء عدد من سياقات استعمال (روح القرآن)، يتبين أنه يطلق بأحد إطلاقين:
1- إشارة إلى الأثر الذي يتركه في الإنسان والمجتمع، ليكون حيًا بمنهج القرآن وتعاليمه.
وهذا الإطلاق: لا حرج فيه، ولا يظهر ما يمنع منه .
ومنه قول رشيد رضا: " ولو قام العلماء الأتقياء، وأدوا ما عليهم من النصيحة لله ولرسوله وللمؤمنين، وأحيَوا روح القرآن، وذكَّروا المؤمنين بمعانيه الشريفة، واستلفتوهم إلى عهد الله الذي لا يُخلف؛ لرأيت الحق يسمو، والباطل يسفل، ولرأيت نورا يبهر الأبصار، وأعمالا تحار فيها الأفكار " انتهى من تفسير المنار: (10/ 40).
وقول البشير الإبراهيمي: "إن بُعْدَ المسلمين عن روح القرآن وهدي القرآن غَرَسَ فيهم خصالًا من الخَوَر والفسولة أدّتْ بهم إلى ما ترون وانتهتْ بهم إلى ما منه تشكون" انتهى من " آثاره " (2/ 120).
2- وأحيانًا يطلق هذا المصطلح ويراد من ورائه ما يناقض ما جاء به القرآن نفسه، أو ما صحت السنة فيه، أو معارضة أحكام الشريعة، تذرعًا بـ (روح القرآن)، وانها تأبى ذلك.
وأدى ذلك ببعض ضُلالهم إلى إنكار كثير من أحكام الشرع المطهر، الثابتة بكتاب الله، وسنة رسوله، وبإجماع أهل الإسلام؛ وتعلقوا بضلالات باطنية منكرة ، بدعوى: الروح!!
3- وبعضهم يطلق على معاني القرآن الكريم، لقب : "روح القرآن"، وربما سمى كتابه في التفسير بذلك الاسم؛ وهو أمر قريب، لا مشاحة فيه ، متى كان تفسيره للقرآن : مستقيما، سليما من البدعة والزيغ؛ فإن المنعى مع اللفظ ، كالروح مع الجسد . يقول ابن القيم رحمه الله: " اللفظ جسد والمعنى روح فهو تبع له " انتهى من "بدائع الفوائد" (1/70).
والله أعلم
أسئلة متعلقة أخري | ||
---|---|---|
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي... |