عنوان الفتوى : الأدلة على لزوم الدية في الجناية عمدا أو خطا على ما دون النفس
ما هو الدليل الشرعي من القرآن أو السنة على الجناية فيما دون النفس عمدا، والجناية فيما دون النفس خطأ؟. وشكرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالجناية عمدا على ما دون النفس يجب فيها القصاص ما لم يخش فيه تلف النفس، فحينئذ يكون الواجب الدية، والدليل على وجوب القصاص فيما دون النفس الكتاب والسنة والإجماع، فمن الكتاب قوله تعالى: وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ {المائدة:45}.
ومن السنة: ما جاء في الصحيحين من حديث أنس بن مالك قال: كسرت الربيع ـ وهي عمة أنس بن مالك ـ ثنية جارية من الأنصار، فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم، فأمر بالقصاص، فقال أنس بن النضر عم أنس بن مالك: لا والله لا تكسر ثنيتها يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أنس كتاب الله القصاص ـ فرضي القوم وقبلوا الأرش، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره.
وقد أجمع المسلمون على هذا الأمر، جاء في المغني لابن قدامة: وأجمع المسلمون على جريان القصاص فيما دون النفس إذا أمكن، ولأن ما دون النفس كالنفس في الحاجة إلى حفظه بالقصاص، فكان كالنفس في وجوبه. اهـ.
وأما الجناية على ما دون النفس خطأ: ففيها الدية أو الأرش، أو حكومة العدل على حسب الأحوال، وفي ذلك تفاصيل كثيرة تراجع في محالِّها من كتب الفقه، والأدلة على لزوم الدية في الجناية على ما دون النفس خطأ كثيرة، منها:
1ـ حديث عمرو بن حزم عن أبيه عن جده، وهو حديث طويل مشهور، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:.. وإنَّ مَن اعتبطَ مُؤْمِنًا قَتْلًا عَنْ بيِّنةٍ، فَهُوَ قَوَدٌ، إِلَّا أَنْ يَرْضَى أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ، وَإِنَّ فِي النَّفْسِ الدِّيةَ مائة مِنَ الْإِبِلِ، وَفِي الْأَنْفِ ـ إِذَا أُوعَبَ جدْعُهُ ـ الدِّيَةُ، وَفِي اللِّسَانِ الدِّيةُ، وَفِي الشَّفتين الدِّية، وَفِي الْبَيْضَتَيْنِ الدِّية، وَفِي الذَّكرِ الدِّيةُ، وَفِي الصُّلْبِ الدِّيةُ، وَفِي الْعَيْنَيْنِ الدِّيةُ، وَفِي الرِّجْلِ الْوَاحِدَةِ نصفُ الدِّيَةِ، وَفِي الْمَأْمُومَةِ ثُلُثُ الدِّيةِ، وَفِي الْجَائِفَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ، وَفِي المُنَقِّلةِ خَمْسَ عَشْرَةَ مِنَ الْإِبِلِ، وَفِي كُلِّ أُصْبُعٍ مِنَ الْأَصَابِعِ ـ مِنَ اليدِ والرِّجلِ ـ عشرٌ مِنَ الْإِبِلِ، وَفِي السِّنِّ خمسٌ مِنَ الْإِبِلِ، وَفِي المُوضِحَةِ خمسٌ مِنَ الْإِبِلِ، وَإِنَّ الرَّجلَ يُقْتَلُ بِالْمَرْأَةِ، وَعَلَى أَهْلِ الذَّهبِ أَلْفُ دِينَارٍ.
قال ابن حجر في بلوغ المرام: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي الْمَرَاسِيلِ، وَالنَّسَائِيُّ, وَابْنُ خُزَيْمَةَ, وَابْنُ الْجَارُودِ, وَابْنُ حِبَّانَ وَأَحْمَدُ, وَاخْتَلَفُوا فِي صِحَّتِهِ ـ وقال الشيخ الألباني: صحيح لغيره.
2ـ حديث ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: في دية الأصابع اليدين والرجلين سواء، عشر من الإبل لكل أصبع. رواه الترمذي، وصححه الألباني.
3ـ حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: في الأصابع عشر عشر. صححه الألباني.
والله أعلم.