عنوان الفتوى: تخفيف يوم القيامة على المؤمنين

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

هل صحيح أن يوم القيامة يمر على المؤمنين كما بين صلاتَي الظهر والعصر؟ وهل يشمل كل المؤمنين أم المتقين منهم؟

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فكل مؤمن متقٍ؛ لأنه اتقى الله حين آمن به واجتنب الكفر، و يختلف المؤمنون في درجات تقوى الله تعالى في فعل الطاعات واجتناب المحرمات.
وقد جاءت عدة أحاديث في بيان أن يوم القيامة لا يطول على المؤمنين، ومن ذلك: ما رواه الإمام أحمد في المسند، وابن حبان في صحيحه، وغيرهما، من حديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قِيلَ لِرَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: يَوْمًا كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، مَا أَطْوَلَ هَذَا الْيَوْمَ؟! فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّهُ لَيُخَفَّفُ عَلَى الْمُؤْمِنِ، حَتَّى يَكُونَ أَخَفَّ عَلَيْهِ مِنْ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ يُصَلِّيهَا فِي الدُّنْيَا". وقد اختلف العلماء في سند هذا الحديث بين مضعِّف ومحسِّن، فممن ضعفه: الألباني، وشعيب الأرناؤوط، وقد حسنه الحافظ ابن حجر العسقلاني في كتابه فتح الباري، وذكر بعض الأحاديث الأخرى التي جاءت في نفس الموضوع، فقال -رحمه الله تعالى-:
وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ عِنْدَ أَحْمَدَ أَنَّهُ: يُخَفَّفُ الْوُقُوفُ عَنِ الْمُؤْمِنِ حَتَّى يَكُونَ كَصَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ. وَسَنَدُهُ حَسَنٌ. وَلِأَبِي يَعْلَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: "كَتَدَلِّي الشَّمْسِ لِلْغُرُوبِ إِلَى أَنْ تَغْرُبَ". وَلِلطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: "وَيَكُونُ ذَلِكَ الْيَوْمُ أَقْصَرَ عَلَى الْمُؤْمِنِ مِنْ سَاعَةٍ مِنْ نَهَارٍ". اهـ.

وذكر بعض شراح الحديث أن هذا التخفيف يختلف باختلاف المؤمنين؛ فمن كان أكمل إيمانًا كان أخف عليه ممن دونه في الإيمان، وإن كان التخفيف يعم الجميع، قال ملا القاري في مرقاة المفاتيح:
(فَقَالَ: يُخَفَّفُ) أَيْ: يَوْمُ الْقِيَامَةِ (عَلَى الْمُؤْمِنِ) أَيِ: الْكَامِلِ أَوِ الْمُصَلِّي (حَتَّى يَكُونَ) أَيْ: طُولُهُ (عَلَيْهِ كَالصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ) أَيْ: كَمِقْدَارِ أَدَائِهَا أَوْ قَدْرَ وَقْتِهَا، وَالظَّاهِرُ: أَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ الْمُؤْمِنِينَ، كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ بِقَوْلِهِ: {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ * فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا * إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا * وَنَرَاهُ قَرِيبًا}، وَبِقَوْلِهِ: {فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ * فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ * عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ} فَمَفْهُومُهُ: أَنَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ يَصِيرُ يَسِيرًا؛ إِمَّا فِي الْكَمِّيَّةِ، وَإِمَّا فِي الْكَيْفِيَّةِ، وَإِمَّا فِيهِمَا جَمِيعًا، حَتَّى بِالنِّسْبَةِ إِلَى بَعْضِهِمْ يَكُونُ هُوَ كَسَاعَةٍ، وَهُمْ مَنْ جَعَلُوا الدُّنْيَا سَاعَةً وَكَسَبُوا فِيهَا طَاعَةً. اهـ.

والله تعالى أعلم.

شارك الفتوى

أسئلة متعلقة أخري
كفار قريش كانوا لا يؤمنون بالآخرة
فناء الدنيا وخلود الآخرة
فزع المؤمنين وغير المؤمنين يوم البعث والنشور
ثمرات تصور النعيم والعذاب في الآخرة
الحكمة في التعبير القرآني الذي يفيد قرب قيام الساعة
هل يوم القيامة مثل الحج؟ وهل يوم القيامة عذاب للمؤمن؟
مشاهد الحج تذكر بيوم القيامة